تراجع كرة القدم العمانية.. الأزمة والحلول

أحمد السلماني

تسود الجماهير العمانية قاطبة وليس الوسط الكروي وحده هذه الفترة حالة من الغضب والصدمة واليأس بعد الظهور المخيب للآمال للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم في كأس الخليج ذلك لأنَّ هذه البطولة تحديداً لها وقعها الخاص لدى الشعوب الخليجية قاطبة، كبارا وصغارا، نساء ورجالا، وبالتالي من حقهم أن يصبوا جام غضبهم على المنتخب وجهازه الفني وعلى مسؤولي كرة القدم بالسلطنة.

لكن من المؤسف أن يتصدر مشهد النقد اللاذع من يحسبون على الطيف الكروي القريب وهم العارفون والمدركون تمامًا أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، وأن مسلسل خروج منتخباتنا وفي كل الفئات والمنافسات نتيجة حتمية وحقيقية ومنطقية في ظل غياب "دورة عمل سليمة للمنظومة الكروية" وغياب الرؤية القريبة والبعيدة لصياغة مستقبل جديد للكرة العمانية عنوانه "القدرة التنافسية" لاحظوا أننا خرجنا من كأس الخليج بفارق هدف، وكشف المنتخب السعودي الناضج منتخبنا ووضح جلياً أننا متخلفون كثيرا عن الصف الأول للقوى الكروية الكبرى بالقارة.

هنا نقول بأنه سيتم التضحية بالمدرب والجهاز المساعد لامتصاص الشارع الرياضي، ثم ماذا بعد؟ سيأتي غيره وسيأتي اتحاد غيره وربما يستمر الحالي ولن يتغير شيء وبالتالي لنهدأ قليلا ولنبدأ بإرادة حقيقية نحو تقويم المسار، والبداية في رحيل كافة من يعملون في إدارة شؤون اللعبة من قيادات وإدارات وفنيين متمصلحين واستقطاب كفاءات إدارية وفنية لإدارة شؤون اللعبة ولو بالتعيين أو بالاتفاق مع الجمعية العمومية لتأطيرها قانونيا ولتتكرم هذه الجمعية ولو لمرة واحدة في تاريخها وتخدم الكرة العمانية بعيدا عن التربيطات والتوصيات.

إنَّ تنقية وإعادة رسم دورة عمل المنظومة الكروية أولوية قصوى ومن ثم تبني إحدى التجارب الناجحة في العالم لصياغة مستقبل الكرة العمانية وبناء لاعبين ومنتخبات بقدرة تنافسية، والتجربة البلجيكية وعرابها "سابلون" انتجت كرة عالمية بماركة بلجيكية خالصة أدواتها دي بروين وهازارد والشاذلي ولوكاكو وغيرهم ممن وضعوها على قمة هرم التصنيف الدولي وحققوا المركز الثالث في كأس العالم، سابلون هذا رسم خطة طويلة الأمد فرضت على المنتخبات والأندية والمدارس الكروية الثمان والمعتمدة من الاتحاد البلجيكي وعدم السماح بظهور مدارس تخالف المنهجية المتبناة وخطة لعب المنتخب 4 3 3 ، تخيلوا!! والناشئة كانوا يلعبون في البداية 5 لاعبين مقابل 5 ثم 8 ضد 8 لضمان امتلاكهم ولمسهم ومداعبتهم للكرة لوقت أطول ثم 11 لاعبا ضد 11 وهي مرحلة ما قبل النضج داخل الملعب ومن ثم تصفية اللاعبين واختيار الأفضل مطلقا بين أقرانهم لتشكيل منتخبات الفئات السنية قبل الإعلان عن المنتخب الأول والذي خرج بعد ذلك وصدم العالم، مثل هذا العمل يحتاج من 8 إلى 9 سنوات لجني ثماره وبالتالي عدم استعجال نتائجه مع ضمان ديمومته بغض النظر عن الإدارات المتعاقبة عليه، طبعًا مع عدم إغفال أن تستمر المنتخبات الحالية في عملها لضمان الحضور الإقليمي والقاري.

وليس بالضرورة تبني التجربة البلجيكية التي سبقتنا إليها سنغافوره باستقطابها لسابلون ولكن هناك مدارس عالمية تتناسب وطبيعة اللاعب العماني كالمدرسة البرازيلية أو التشيكية أو الكرواتية أو الأسبانية، ويكفي نقدا وتجريحا وأنتم بعيدون عن المشهد فقط تنتظرون النتائج وسقوط أحدهم لسن سكاكين النقد وعلى اتحاد الكرة توجيه الدعم المقدم له للتعاقد مع المدربين نحو بناء منتخبات المستقبل، فالبحرين الشقيقة تستقطب مدربين بنصف تكلفة من نجلبهم وربما أقل ونتائجهم ملموسة.