سارة بنت علي البريكية
يتطلع الإنسان في أي مكان كان فيه إلى العيش في حياة كريمة هانئة مطمئنة، ويرنو مع ذلك إلى أن يعيش بسلام وأمان مع الحصول على كل مقومات الحياة الهانئة والعيش الرغيد، وإذا ما سلّمنا بأن خالق البسيطة أوجد فيها الاختلاف والتباين والنقص منذ وجدت النشأة والخلق متمثلا ذلك في أفرادها وشعوبها وأهلها وساكنيها وعباد الله عامة انطلاقا من قوله تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين...) إلا أنّه من سجية الإنسان وفطرته أنه يتمنى أن يجد حياة مكفولة بستر وعفاف في نمط وحدود معيشته، وأحيانا أبعد من ذلك، وهنا نستذكر ذلك القول المأثور "ليس كل ما يتمناه المرء يدركه......" وفي هذا السياق أوضح رب العزة والجلال في كتابه العزيز مسألة مهمة وهي التي جاءت في قوله تعالى (ولا تمدّن عينيك إلى...) فلا يجب إرهاق النفس بالمقارنات لأنّه كلما اتسعت عيناك ضاق صدرك، وهذا كلام صحيح، فالمطلوب الرضا بما قسمه الله.
ما أود الوصول إليه هو أنّ خراب المجتمعات وضياعها هو بسبب طلب الحصول على ما عند غيرها بوسائل مختلفة، فمن تأخر عليه الرزق ربما سيلجأ إلى وسائل إجراميه تزهق الأنفس وتروع الآمنين ويكون فيها تعدٍ على الحقوق والممتلكات الخاصة والعامة من أجل الحصول على ما يريد، وبالتالي يحدث من هنا الخلل وزعزعة الأمن والاستقرار وانتشار الجريمة ووسائل المطالبة والحصول على الحقوق بالقوة وبطرق ملتوية.
ولردع هذه التصرفات المارقة المنسلخة من العقل وإعمال الفكر والوازع الديني والأخلاقي في المجتمعات، سنجد تحشيد الجيوش والجهات الأمنية، وتعزيزها بالعدة والعتاد مما يسبب إرهاقا وانصرافا عما هو أهم من ذلك؛ كأن تكون عملية البناء والتطوير والاشتغال على تحسين المعيشة.
إنّ عمان واحدة من هذا العالم المترامي الأطراف، فهي جزء منه تؤثر فيه وتتأثر به، فمنذ القدم هي بلد ذات تاريخ عريق مشرف وحافل بالكثير من الإنجازات التي أسهمت في تقدم عمان ورفعتها وعزّتها وبناء إنسانها العماني، ومولانا جلالة السلطان قابوس -حفظه الله ورعاه- عمل منذ اليوم الأول لاعتلائه العرش وتوليه زمام الأمور ومقاليد الحكم في البلاد، على النأي بها إلى مصاف الدول المتقدمة، فكان الأهم في السياسة الداخلية بالدرجة الأولى، هو بناء المواطن العماني ونقله من حال الضعف إلى حال أقوى متسلّحًا بالعلم والمعرفة، فحينما عايش العمانيون كل من موقعه ومكانه مسيرة البناء والتطور، أيقنوا بصدق العزيمة القابوسية والأهداف والنهج الذي يسير عليه جلالته أطال الله عمره، في جعل العماني يفخر بنفسه ويتفاخر بقيادته وبلده.
إنّ عدم الحصول على المتطلبات اليومية لا يجب أن يكون مدعاة إلى إحقاق الفساد والسير فيه والإعانة عليه، فالاستعانة بالصبر والصلاة والفهم والعقلانية والعلم والعمل، يبعد الإنسان عن مواطن الشر التي ترهب المجتمعات الآمنة، وفي عمان ولله الحمد أكرمنا الله عزّوجل برجل حكيم متفهم متعلم محب لنا ولبلده، فلم نرى منه إلا ما أسعدنا، ولم نسمع منه إلا ما جعلنا نعيش مطمئنين، وما قول جلالته بارك الله في نفسه (أيها الشعب سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم سعداء) إلا دليل واضح على ما قلته عن جلالته؛ فقد كان هدفه منذ اليوم الأول هو جعلنا نعيش سعداء، والحمدلله ها نحن نعيش اليوم حياة كريمة هانئة مطمئنة في وطن ينعم بالخير وبالأمن والأمان، ويعم فيه الاستقرار.
إنّه مع هذه النعمة التي نعيشها في بلدنا عمان يتطلب منا العمل من أجل المحافظة عليها، فالنعم تدوم بالشكر، فاللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك، فحفظ الله لنا جلالة السلطان قابوس، وبارك لنا في عمره.. وكل عام هو وأنتم بخير وسؤدد ورفعة.. والله يحفظ المسيرة.