د. ريم سليمان الخش| باريس
يمشي وأدمعه نهران من شكوى
لاغربَ يسمعه لاشرقه المأوى
//
شيخٌ مَهيبٌ وحول العنق طائره
وبين كفيّه تلقى المنّ والسلوى
//
صوتٌ من الغيب في الترحال يسمعه
لولا الضباب لأقصت حزنَه النجوى
//
ياشيخ ..ياشيخ مايُبكيك فئدةٌ ...
مرّت على الجرح لكنْ دونما جدوى
//
مغيّبون بلا وعيٍ بألسنةٍ
لم تأنس الوحيَ مبنيا على الفحوى:
//
(فالحبُ والصدق والإحسان هيكله
والعدل والجود في أضلاعه مثوى)
//
كانوا ..وكانت تلال القمح عامرة
كان الصواع لمن قد يشتهي عَطوا
//
كانت وجوه خيول الحق أرغفة
تقمّرت ولنا من برِّها النشوى
//
والآن أحصنة الإحسان قد لُجمت
خلف الحدود وليس السجن كالمأوى
//
أما تعبتَ ؟؟ ألم تقنط بلا أُنُسٍ
من صاحب الله لم يعرف به الخِلوا
//
عصاي تقوايَ أفعى الشر تلقفها
لاشيء ينقذ في الترحال كالتقوى
//
أمضي غريبا ظلام الليل يرصدني
لكنْ عصايَ تهشُ البغيَ والمحوا
//
برحمة الله قد هشت على ألمي
حتى تفجّر في الأعماق ما أروى
//
حتى امتلأتُ وفيضُ النبع صيّرني
سربا من الطير يبغي النور والشأوا
//
سبحان ربيَ أنوارٌ بلا عددٍ
بلا انتهاءٍ عليٌّ جاوزَ العلوا
//
روحي جبالٌ بأمر الحق راسخةٌ
لكنها سُحبٌ في عشق من تهوى !
//
بدرٌ أضاءت على الدنيا بوارقه
محمدٌ وبه عن حزننا سلوى
//
هذا الحبيب أتى للجوع مائدة
قلبٌ من التمر أخلاقٌ من الحلوى
//
أبو المساكين قمح الروح يقسمه
بين القلوب فيربو قمحها زهوا
//
جرى زلالا بقحط الروح أنبتها
سنابل النور لا تضوي ولا تُلوى
//
الحلم والعقل قنديلان من عبقٍ
في الغار ضوءهما كشفٌ على الفحوى
//
مخلّص الطين من أرجاس جبلته
ومنقذ النفس من إبليس إذْ أغوى
//
قد عبأ الحب كالأمطار في لغة
تسمو بها النفس بل من فيضها تروى
//
يغرد القلب حبا كلّما اتقدت
ذكراه في الروح حتى أتقن الشدوا
//
يامن أتانا دروسا في بساطته
وفي السماحة أهدى الُسلْم والعفوا
//
يامن ترفّع عن غلّ وعن بطرٍ
فالحب في الله كان الغاية القصوى
//
يارحمة الله كم أشتاق واحته
مرعى الجوارح منكوبٌ أذى أحوى
//
عذري إليك فإنّ الوقت أبعدنا
عن سدرة الحب عن أخلاقنا سهوا
//
بتنا حيارى جناةً في غوايتنا
مذْ مكنَ الكبر منا النفسَ ما تهوى
//
لكنْ ستمحقُ هذا الليل صحوتنا
إنّ الصحائف رغم الجهل لن تُطوى