أحمد السلماني
كنت أعتقد أنَّ الحملة الإعلامية التي شنت للحد من ظاهرة قلب الحقائق ووقائع مشاركة بعضهم خارجيًا في المحافل الدولية قد تلاشت أو تمَّ الحد منها، ربما تقلصت، ولكنه ومما يؤسف له أن البعض صار لا يستطيع التراجع عن هكذا مُمارسات بعد أن اعتاد عليها، إذ إنَّ جذور مثل هذا "التدليس" متعمقة في بعض وسائل الإعلام التي لا تتحرى دقة ما يرد إليها من أخبار رياضية، وهذا يضر كثيرا بمصداقيتها لمجرد وثوقها في قلم "رخيص" باع مهنيته "بثمن بخس دراهم معدودة"، ومحور خطورة مثل هكذا مُمارسات في كونها أضحت ثقافة لدى تيار بعينه على محدوديته ولكنه كالوباء الخطير الذي يستوجب الحد من استفحاله وقد استفحل بالفعل بل وتعمقت جذوره.
ضجة إعلامية رافقت حمل أحدهم لكأس بطولة ما، ولم أجد تفسيرا محددا لمعنى كلمة "حمل"، ما عهدته في الأخبار الرياضية أن يعلن عن "تتويج، فوز، انتصار،ترَبع" أحدهم على منصة تتويج، أما كلمة "حمل" فهذه لم أجد لها تفسير في وضعية بطلنا المزعوم.
وللوقوف على خلفية مثل هذا الخبر الرنان وللتحقق منه ومن مصادره، فقد توجهنا إلى الجهة المعنية أو القريبة من هكذا رياضة، فقد أشاروا إلى أنهم غير معنيين بهكذا مشاركات وهي بطولات عادية ليست ضمن بطولات اتحاد هذه الرياضة، ثم ولجنا إلى موقع البطولة وسبرنا أغوار جميع الروابط المتعلقة بها ولم نجد لعلم السلطنة مكاناً ولا لاسم صاحبنا أو حتى الفريق الذي ينتمي إليه، ثم وبعد عناء كبير والحمدلله وجدنا الفريق يقبع في الترتيب الـ31 والتصنيف العام للبطولة بما يعني أنه شارك بالفعل.
إنَّ خطورة تمجيد مثل هكذا انتصارات وهمية ومنحها زخماً إعلاميا كبيرا من شأنه أن يضر بشكل كبير بالرياضة العمانية من حيث اختلال معايير انتقاء الرياضي الكفء والقادر على المنافسة لتمثيل البلد في المحافل الدولية ضمن الاتحادات واللجان الرسمية بالسلطنة، أما المشاركات الفردية والتي تقع خارج نطاق تمثيل البلد فليس من حق هذا الرياضي الزج بشعار السلطنة في بطولات ومنافسات ومن ثم التغني ببطولات وهمية.
إنَّ الإعلام الرياضي المسؤول مطالب بتفنيد الأخبار وإبراز الإنجازات والمتوجين بها وهذا من صميم واجبه وذلك بمرافقة البعثات الرياضية الرسمية أو التحري من مصادر أخرى غير تلك الواردة من الموفد الإعلامي للبعثة الذي لن يتجاوز حدود كتابة ما يملى عليه، للأسباب التي نعلمها، وبالتالي فإنَّ هذا الإعلام الرياضي وبنشره لمثل هكذا بطولات وهمية ومنحها زخما إعلاميًا لا تستحقه يساهم في التراجع المريع لرياضتنا بتحديده لسقف طموحات رياضيينا في المنافسة الحقيقية والجادة في المناسبات المحلية والدولية طالما أن الإعلام يمجد كل شيء ولا زال يتعاطى بمبدأ "الإعلام التنموي" رغم أننا تجاوزنا ذلك بمراحل. كما وأتمنى على الجهة المسؤولة عن الإعلام بوزارة الشؤون الرياضية تحري الدقة عند بث هكذا أخبار لتجنب زعزعة الثقة لدى المتلقي، كما ولا نرضى لمعالي الشيخ الوزير والسيد رئيس اللجنة الأولمبية دفعهما وبحسن نية إلى تكريم رياضي هنا وآخر هناك عن بطولات لم تتجاوز الوهم والورق.