دوام الأكاديميين.. الإبداع في التنظيم (2-2)

 

 

د. راشد بن علي البلوشي *

استكمالا لما نشرناه في المقال السابق، فإن الخطة التي اقترحناها ستسمح لجميع أعضاء الهيئة التدريسية بتدريس ما لا يقل عن ثماني محاضرات في الأسبوع (14-12) ساعة تدريسية (بواقع محاضرتين لكل واحد من المقررات أو الشُّعب الأربع التي يدرسها معظم أعضاء الهيئة التدريسية بالجامعة)، والتي يُمكن أن تُرتب لكي تدرس في أربعة أيام (بدلاً من خمسة)، وهو ما يمكن أن يسمح لكل أو معظم أعضاء الهيئة التدريسية الحصول على يوم واحد خالٍ من التدريس (يمكن استغلاله كاملاً للعمل البحثي أو لمراجعة الأبحاث المقدمة من المجلات المحكمة أو لنشاطات خدمة المجتمع أو لأنشطة تجويد التدريس أو لعمل اللجان أو الاجتماعات، أو لمراجعة المؤسسات الحكومية للأمور الشخصية)؛ وذلك إذا تمكن عضو الهيئة التدريسية من أداء ساعاته المكتبية الست في الأيام الأربعة التي يدرس فيها، وكان ذلك مناسباً لطلابه؛ لأنَّ هذه الخطة ستمكن أعضاء الهيئة التدريسية المقيمين خارج الجامعة من التوجه للجامعة ابتداءً من الساعة الثامنة أو الثامنة والنصف صباحاً (مع انحسار حدة الازدحامات المرورية)؛ حيث يمكن أن يصلوها -بعون الله- خلال ثلاثين دقيقة أو ساعة -بحسب بعد أو قرب مكان السكن من الجامعة- وسيسمح هذا بأداء ساعة مكتبية واحدة في كل صباح من التاسعة إلى العاشرة. وبذلك؛ ستمكن هذه الخطة أعضاء الهيئة التدريسية من أداء أربع ساعات مكتبية صباحية خلال أربعة أيام، وساعتين مكتبيتين بعد الظهر من الثانية إلى الثالثة، مثلاً، بحسب ما يناسب جداول الطلاب. وإن لم يتمكن عضو الهيئة التدريسية من الإيفاء باحتياجات جميع الطلاب فيما يخص تواجده في المكتب (ساعات مكتبية)، فإنه يمكن أن يتواجد خلال اليوم الخامس بنظام المواعيد أو حتى الساعات المكتبية.

ثانياً: يجب أن لا تتضمَّن جداول أعضاء الهيئة التدريسية أقل من محاضرتين في اليوم (خصوصاً للأعضاء المقيمين خارج الحرم الجامعي، مع اعتقادنا بانتفاء الحاجة للتمييز في هذا الخصوص)، حيث لا يجب أن يحضر عضو الهيئة التدريسية من مقر سكنه إلى الحرم الجامعي، مضيعاً على الأقل ساعة من وقته في الطريق، ذهاباً وإياباً (ناهيك عن استهلاك الوقود) من أجل محاضرة واحدة؛ وذلك أيضاً توفيراً لجهد عضو الهيئة التدريسية وطاقته، والتي تحتاجها الوظيفة الجامعية من أجل التجديد والتطوير في المقررات والإتقان والإبداع في طرق تدريسها، وكذلك إجراء البحوث وكتابة المقالات الصحفية.

ثالثاً: إضافة إلى التقليل من الازدحامات المرورية في الخطوط التي تربط الجامعة بالمناطق السكنية حولها (الخوض، المعبيلتين، الموالحين، الحيلين، السيب)، ستوفر هذه الخطة الكثير من الجهد على أعضاء الهيئة التدريسية جميعاً، خصوصاً الأعضاء الذين يسكنون خارج الحرم الجامعي؛ وذلك لأنَّ أجسامهم ستتعود نظاماً بدنيًّا وذهنيًّا واحداً في جميع أيام الدوام؛ وبذلك سيصلون إلى إجازة نهاية الأسبوع لاستغلالها في مزيد من العمل والعطاء، للوظيفة الجامعية وكذلك للواجبات العائلية والاجتماعية عموماً. ومن شأن هذه الخطة أن تنتج عضو هيئة تدريس منتجاً طوال الأسبوع، بدلاً من عضو هيئة تدريس مستهلك طوال الأسبوع (لعدم وجود نظام أو روتين يومي موحد، وهو ما نغبط عليه إخواننا العاملين في سلك التدريس بوزارة التربية والتعليم)، مُضطرٍ لاستغلال إجازة نهاية الأسبوع للنقاهة والاسترخاء، وغير مستعد لأي نقاش يتناول واجبات الوظيفة أو التزاماتها.

كما قُلنا في الجزء الأول من هذا المقال، فنحن، ومن أجل الصالح العام، نرجو من إخواننا مُعِدِّي الجداول الدراسية أن يقُوموا بكل ما يستطيعون إليه سبيلاً من أجل أن تصبح عملية القدوم إلى الحرم الجامعي والخروج منه أوفر من ناحية الوقت والجهد. نطالبهم، على الأقل، بتجربة تطبيق هذه الخطة (أو أي خطة أخرى بديلة مصممة من أجل حفظ المصالح من وقت وجهد)، لمدة عام أكاديمي، أو على الأقل فصل دراسي، ومن ثَم القيام بدراسة بسيطة (استبيان) من أجل قياس مدى أو مستوى رضا موظفي وطلاب الجامعة عن هذه الخطة (ويمكن أن يكون اختبار مناسبة هذه الخطة للوضع في الجامعة جزءاً من رسالة ماجستير).

لذلك؛ وجب قول ما تقدم، من باب "الدين النصيحة"، وكذلك من باب التذكير بأن الإبداع فرض عين "لأنه فرع على الإتقان"، لا يسقط عن الأخوة الإداريين إذا قام به الأكاديميون والفنيون وكذلك الطلاب. وقد أوضحنا أن النهج المبني على الإبداع في إعداد الجداول الدراسية يوفر الوقت والجهد وكذلك المال بالنسبة لأعضاء الهيئة التدريسية، وهو ما يؤدي لأعضاء هيئة تدريسية منتجين ونشيطين طوال الأسبوع.

 

* أستاذ اللغويات المشارك بجامعة السلطان قابوس