"خليجي 24".. الجود بالموجود

 

حسين بن علي الغافري

تنطلق نهاية نوفمبر المقبل بطولة كأس الخليج في نسختها الرابعة والعشرين بدولة قطر الشقيقة، وقد سُحبت قرعة مشوار البطولة خلال مطلع الأسبوع المنصرم.

وكانت كأس الخليج حتى وقت قريب حديث المجالس والبيوت والتجمعات الشبابية والأهلي قبل إنطلاقها بمدة ليست قصيرة. كانت وسيلة فعلية لمعرفة بعضنا بعض في بيتنا الخليج الواحد الذي نشأنا وعشنا عليه. كانت فرصة لتعزيز أواصر الترابط والألفة والمحبة. أما اليوم فالبطولة تبدو آخر الإهتمامات، ولا تُحَّدث كل ذلك الضجيج الجميل. للأسف فأن ماكينة السياسة أبت إلا أن تقحم الطابع الرياضي في خضم هذا الحدث ليستخدمه الساسة وسيلة لمزيد من النفور!

كأس الخليج في نستختها الحالية ليست كما كانت -في أمورٍ كثيرة-، البطولة وبسبب عدم مشاركة الأشقاء بدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين تبدو وكأنها طير بجناح واحد، هؤلاء الثلاثة بعدم تواجدهم يعني ضعف المنافسة، وضعف في جدوى إقامتها. وهو ما إضطر القائمين على محاولة استمرارها في تغيير نمط المنافسة من دور المجموعات كما يحدث سابقا إلى أن تقام بنمط الدوري وجمع النقاط. كل هذه الجهود المشكورة بهدف الإبقاء على أن تستمر البطولة الخليجية كما هي بغض النظر عن تحميلها أكثر مما ينبغي. ولا ننسى كذلك عدم وضوح رؤية مشاركة المنتخب اليمني، مما يعني إحتمالية واردة لغياب نصف المنتخبات، وبقاء النصف. وهو ما سيختصر اللقاءات أكثر أو لربما دخولها في إعادة ترتيب الأوراق.

وحتى نتجاوز كل ما حدث للبطولة وتحدياتها، يدخل منتخبنا الوطني لكرة القدم المنافسة بلقاء افتتاحي أمام منتخب العراق الشقيق. وبنظري ومع ما تحمله البطولة من عدم وضوح، تبقى فرصة للوقوف على جودة الأسماء ومنح آخرين فرصة للظهور وتقديم ما يمكن تقديمه من قبلهم. فرصة كذلك للمدرب كومان لقراءة أوسع لخططه الفنية في قادم الإستحقاقات الكبيرة في تصفيات كأس العالم 2022 وتصفيات كأس آسيا 2023. ستكون كذلك مساحة مناسبة لتقديم وجوه جديدة للمنتخب لم تتح لها الفرصة أن تظهر في مباريات سابقة. ناهيك على المكافأة المالية التي من الممكن أن تساهم في تعزيز السيولة المادية لإتحاد الكرة وخططه.

الأحمر من وجهة نظري بحاجة إلى جرعة لقاءات تنافسية خصوصا بعد الشكل الذي شاهدناه أمام المنتخب القطري والهزيمة بهدفين لهدف. الإنسجام لم يكن كما ينبغي طوال التسعين دقيقة، كما أن الفاعلية الهجومية بحاجة إلى ترتيب أوراق من قبل كومان أسوةً بخط الدفاع. صحيح أن وقوعنا بمجموعة المنتخب القطري الذي حضوره فقط من أجل التصفيات الآسيوية وهو ما يعني بأننا على أعتاب التأهل إلى الأدوار النهائية لتصفيات كأس العالم 2022، لذلك يعني بأن الأعين الشكل الفعلي للمنتخب قد لا تظهره لقاءات الهند وبنجلاديش وأفغانستان مع إحترامي لهذه المنتخبات ولكن ورقيا منتخبنا أكثر جودة. مما يعني بإستنثاء اللقاء مع العنابي ذهابا وإيابا قد تكون مكامن الخلل غير واضحة بشكل كبير. وهو ما يمكن إستمثاره في بطولة كأس الخليج المقبلة، من أجل معرفة هذه النواقص وتصويبها ومن أجل تجربة أسماء طموحة قادرة على أن تقدم المردود الإيجابي.

ختاما، نتفق أو نختلف، تبقى بطولة كأس الخليج مصدر إلهام كبير لأبناء شبه الجزيرة العربية. بطولة حاضرة في قلوبنا وعقولنا وبإذن الله ستبقى كذلك رغم التحديات التي تواجهها. ونحن على موعد في ذلك الوقت لرؤية منتخبنا الوطني بشكل مثالي يمنحنا الإنطباع الجيد في أن مشوارنا بالتصفيات سيكون مختلفا هذه المرة بإذن الله.