شورى الرياضة

 

المعتصم البوسعيدي

       يترقبُ المُجتمع العُماني بكل مؤسساته وأطيافه وفئاته انتخابات مجلس الشورى في دورتِها التاسعة، والتي تأتي وسط ــ ما يبدو ــ مُمارسةٌ فاعلة ووعيٌ مُتسِع على مستوى المُترشح والناخبين، إضافة إلى تدافع مُتباين في الآراءِ والتوجهاتِ والتطلعات، والمُتفقة في الغاية نحو مواصلة التنمية والارتقاء بالوطنِ في شتى المجالات. تتداخل الرياضة العُمانية مع نهج الشورى، بل وتتمازج بطريقةٍ أو بأُخرى، فقد شهدت الحركة الرياضة منذُ سنوات انتخابات مجالس إدارات الاتحادات الرياضية، علاوة على انتخاباتِ اللجنة الأولمبية. وبعيداً عن تقديرات الإيجابيات والسلبيات فإنَّ هذه التقديرات في عمومِها تتلاقى مع تقديرات انتخابات الشورى على نحو مالها وما عليها، ولعلَّ أكثر ما يستدعي النظر هو سؤالٌ يطرحه الجميع عن الدوافع التي تحمل المترشح لهذه الانتخابات في ظلِ تكرار بعضِها وتنقلها بين اتحاد وآخر.

       لا ريب أنَّ ما انتجته الانتخابات الرياضية حتى الآن غير مقنع؛ فالرياضة العُمانية تعاني كثيراً من النواقص، هذا إذا اتفقنا أن لدينا رياضةٌ حقيقيةٌ ببنيةٍ جاذبةٍ وممارسةٍ احترافية فاعلة ونتائج دولية مُتحققة، والأسباب تتزاحم على أعتاب العارفين وغير العارفين في الشأن الرياضي، وأعتقد أن ثمرة الانتخابات ليست سريعة النمو وقطافها يحتاج صبر "العجوز والبحر" لإرنست همنجواي، الصبر المحفوف بالأمل والخوف والترقب ولذة النصر والخسارة، وربما "الحرب حتى الموت"، فلا سبيل للتراجعِ عن الانتخابات ويجب الرهان عليها بخلقِ وعي على مستوى الجمعيات العمومية، وارتقاء المترشح وإدراكه لحجم ما هو مُقبل عليه، وما يحيط به مشكلات وتحديات.

 

 

 

       إن أكثر ما يؤلم في الرياضة العُمانية هي حديثها المتأخر في الأساسيات؛ فلا زلنا نبحث عن البنيةِ الرياضيةِ الحديثة، لا زلنا نحلم بمراكز إعداد الأبطال الأولمبيين، لا زلنا نتوجس في عمل الآخرين لشخوصهم لا لعملهم، لا زلنا نتشكى من المادة الأساسية لإدارة اللعبة، لا زلنا لا نجد التجربة المثالية على مستوى الأندية والاتحادات والمؤسسات، والشورى الرياضية لا تتقدم؛ فلقد رأينا التزكية تنسج خيوطها، والمسؤول يتشبث بكرسيه، ولا نكاد نسمع صوت اعتراف بالخطأ، ومن ينتقد يسعى لترشيح من ينتقده كلما أتيحت له فرصة التغيير والتطوير فيما يعرف بتقاطع المصالح، لا زلنا نقول نفس الكلام مراراً وتكراراً "وكل في فلك يسبحون".

 

 

 

       صدقاً.. نحتاج أن نفهم واقعنا وندرك أن الرياضة أولوية يجب أن تسعى الحكومة لتثبيتِها ودعمها، والانتخابات ليست عائقا بل ممارسة ناجعة نحو إشراك المجتمع بكل تجاذباته لرسم المستقبل الأجمل، وربما الانتخابات الرياضية صقلت فعلاً مُمارسيها ونحن نشاهد ترشح أكثر من شخصية رياضية في الدورة التاسعة لانتخابات مجلس الشورى، وهم يحظون ــ في اعتقادي ــ بثقةٍ يتوقع أن تُعلِنهم أعضاءً جُددا للمجلس.

 

 

 

       إنَّ شورى الرياضة ــ إن صح التعبير ــ يجب أن تعبر عن نهج جديد، عن نظرة تسعى للحصول على صلاحيات أكبر وميزانيات أعلى بكثير مما هو موجود، يجب أن يتشكل وعي في الجمعيات العمومية الخاصة بالأندية ومن ثم ضرورة أن يمثل مجلس إدارة النادي جمعيته العمومية وتوجهاتها، وعلى كل مُترشح لكرسي الإدارة والقيادة أن يترشح برؤية واضحة ورسالة قوية وأهداف تعبر عن فهم الواقع وإن يكون التنفيذ بقدر نقاط القوة والضعف والتحديات مقروناً بالمتابعة والمحاسبة، وأن تتشارك الاختلافات في الغاية الأوحد نقداً وتطويراً وبناءً ذا معالم واضحة يبقى وإن تغير الشخوص.