أسعد امرأة في العالم

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

المرأة في بلادي محظوظة؛ فهي لم تقاتل أو ترفع عقيرتها لتنال حقوقها، ولم تدخل في معارك قضائية لكي تكون في الواجهة، ولم تشكّل جمعيات حقوقية للمطالبة بما لا تملكه، لقد جاءها كل شيء على طبق من ذهب، ووجدت كل شيء جاهزا لتقوم بدورها، وأتتها حقوقها رغدا من حيث تشاء ولا تشاء؛ فالإيمان بقدرتها نبع من المجتمع نفسه، فهي شقيقة الرجال منذ زمن بعيد، عاونته في الحقل، وفي التجارة، وفي التعليم، وفي غيرها من مجالات.. وحين بزغ فجر النهضة، آمن جلالة السلطان المعظم -حفظه الله- بقدراتها، وأعطاها حقوقها التي فاقت حتى حدود خيالها، في الوقت الذي كانت المرأة في دول كثيرة "متقدمة" تقاتل في سبيل نيل حقوقها الاجتماعية والسياسية.

وأثبتت المرأة العمانية في كل المجالات التي خاضتها قدرتها على المنافسة، والابتكار، بل والتفوق، واستطاعت أن تتبوأ مكانتها اللائقة في المجتمع، وتحافظ على مكانها الذي تستحقه، رغم عوائق قد تظهر بين حين وآخر، كتقبّل المجتمع المحافظ لبعض الأعمال التي لم يَعْتَد أن يراها فيه..فحين ظهرت الشرطة النسائية بشكل خجول في بداية النهضة، كان الناس ينظرون إلى تلك المهنة على أنها تجاوز لدور المرأة، إلى أن اعتادوها، وحين ظهرت الإعلامية أول مرة على شاشة التلفاز، دُهش الكثيرون وهم يرون هذه الجرأة في المجتمع العماني، وكذا الحال في كثير من الأعمال التي سجّلت المرأة فيها حضورها المبهر بعد ذلك، حتى تقبّل هذا المجتمع كل نشاط أو عمل تقوم به النساء دون تحفظ، وأصبح مهيئا لرؤية المرأة في الأماكن التي لم تعتدها هي، ولم يعتدها الرجل فيها.

ونالت المرأة العمانية حقوقا لم تحلم بها، فتبوأت أعلى المناصب السياسية كوزيرة، ودخلت معترك الحياة الدبلوماسية كسفيرة، ونالت ثقة المجتمع في مجلس الشورى، وتجاوزت كل إطار اعتقدت ذات يوم أنها لن تصله، وأصبح طموحها عاليا؛ حيث نراها اليوم في كل وظيفة أو مهنة لم تخطر على بال أحد قبل سنوات.. بل إنَّ هبات الدولة لم تقف عند حد، فأصبح من حق المرأة الحصول على قطعة أرض من الحكومة حالها حال الرجل، وهي ميزة استثنائية غير موجودة في دولة أخرى على الكرة الأرضية غير السلطنة؛ حيث صدر المرسوم السلطاني رقم (125/2008) بحق المرأة في مِنَح الأراضي أسوة بالرجل، وهو ما جعلها أكثر استقرارا وعطاء.

ولعل الإنجازات الفردية التي تحققها المرأة العمانية في مجالات العلم والابتكار والفكر كل يوم تأتي نتيجة ثقتها بنفسها، وتخلّصها من قيود وأغلال المجتمع السلبية التي تكبّل العقول، وتكبح الطاقات الخلاقة، وتحصرها في إطار ضيّق وغير فاعل، وتحد من تطلعات الأفراد، وتجعلهم حكرا على أعمال معينة، لا يتجاوزونها إلى ما هو أبعد.. وما تعيين وزيرتيْن جديدتيْن في حكومة السلطنة قبل أيام، إضافة إلى ثلاث وزيرات ما زلن يشغلن مناصبهن، إلا دليل على أن المرأة العمانية تعيش حاليا أوج سنوات ازدهارها، وثمرة نجاحها.

إنَّ من حق المرأة العمانية أن تفخر بأنها من أسعد نساء الأرض؛ لأن الله منحها قائدا طليعيا، يسبق زمانه بسنين ضوئية، عرف قدر المرأة، فأنزلها منازلها، وأعطاها حقوقها كاملة غير منقوصة، وهيَّأ لها التشريعات والقوانين التي تعمل من خلالها دون عوائق، وهو ما تفتقر إليه كثير من الدول التي لا تزال تعتقد أن المرأة مجرد آلة للإنتاج المنزلي، ولا شيء آخر.