من يمثلنا في مجلس الشورى؟

أما كان الأجدر والأجدى، أن توعدهم بإنشاء مصنع للإنتاج والعمل، أو سدود تحبس الماء خلفها، وذلك لتوسعة رقعة الزراعة

حمد بن سالم العلوي

لقد بَرَكَتْ ركائب بعض الناس عن السباق نحو عضوية مجلس الشورى، فهل علمتم لماذا؟! لأنها أنِفَتْ أن تسير في الوحل، أو أن تشرب من مستنقعات الخلجان الضيقة، لقد أمسى المجلس هدفاً لدى بعض النفوس الضعيفة، وليس وسيلة تهدف إلى خدمة الوطن عمان، وإعلاء مقدارها ومجدها في هذا الزمان، فصار الجامح إلى العضوية يبيع ويشتري في كل شيء، وذلك من أجل نيل مفتاح المرور إلى المجلس، فيُرعد ويُزبد كذباً وزوراً إنه سيأتي بالشمس والقمر نزولاً إلى الأرض، ويجعلهما سراجين طيِّعين لإضاءة دوارات الحارة وميادينها، وإنه سيوظف من لم يتوظف، وسيعطي للسابق على صندوق الانتخابات مهنة مشرف، وسيزوج كل عانس ومفلس، وسيفرش الطرقات بالحرير والورود، وسيظل يرطب لسانه بالكلام المعسول، معتذراً لمن لم يعرفه يوماً قبل اليوم الموعود، معتذراً لأنه كان مشغولاً بكذا وكذا من الهموم عن خدمة بلدته وأهله، ولكنه اليوم يُنذر نفسه لخدمتهم وطاعتهم دون توقف أو تأفف، وإنه بذلك سيُسهم فرفع أمجاد عُمان إلى المستقبل، ولا ينسى العودة إلى تاريخ عائلته الميمون، الذين بنوا القلاع والحصون، وطردوا البرتغالي من المتون!!

لقد علمنا عن مرات سابقة، وعن لسان بعض من نجح يومذاك، أنه كان واحدا ممن وعد الشباب، بأنه سيطالب لهم بإنشاء ساحات للتخميس والتسديس، وحقاً فعلوا وطلبوا الساحات إياها، واستجابت الحكومة لهم، وعملت الساحات وتوفرت الموارد طبعاً، فصار من ليس له جرأة في التخميس في الشوارع العامة، ما عليه إلا أن يذهب للتدرب هناك، وبعدما اكتسب الخبرة والثقة في النفس، بدأ بالتطبيق حيثما شاء من الطرقات، فيا للهول من هذا الوعد التعيس!! أتوعدون الناس بما يلهيهم أو يقتلهم فتكون له كوسوسة إبليس؟!! أما كان الأجدر والأجدى، أن توعدهم بإنشاء مصنع للإنتاج والعمل، أو سدود تحبس الماء خلفها، وذلك لتوسعة رقعة الزراعة، أو أن تطالبوا بإنشاء جمعيات تعاونية، تخرج أجيالاً من الصناع والتجار والزراع وصائدي الأسماك، أو أي شيء يحيي عُمان ويرفع شأنها، وربط حاضرها الواعد بماضيها الماجد، هل كانت عُمان يوماً إمبراطورية عظمى مترامية الأطراف بالتخميس والتفحيص، وبكل ضروب اللهو والترف والخمول، ألا ساء ما تعدون أيها الغاوون.

إنَّ بعض الذين ينشطون أيام الانتخابات وحسب، فإنهم كاذبون فأحذروهم، ولا تسمعوا لأكاذيبهم، لأنهم طلاَّب خنجر وبشت، وأنهم يحملون أوزارهم وأوزار البسطاء معهم، الذين يغررون بهم بقليل من المال، والكثير من الوعود الكاذبة - طبعاً الرشوة حالة عالمية متفشية - والرشاوي هدفها شراء الذمم الضعيفة، ولكن الإنسان المُسلم حقاً، فإنه يتقي النار ولو بشق تمرة، ويقصد بشق التمرة في الإسلام الصداقة، وليست الرشوة التي تأتي وقتية ولغرض ما، هذا حتى لا يأتي متفلسف ويقول، أنا أتصدق لا أرشي، فأقول له، الإنسان المتصدق معروف لدى الناس، ورصيده عند الله كبير وهو عليه أمين، وإنه يفعل ذلك دون رجاء مصلحة من الناس، وإنما من ربِّ الناس، وهي سمة حميدة للإنسان المتصدق دون مِنّة.

لقد أقترحت في مرات سابقة على وزارة الداخلية الموقرة، أن توفر الحافلات للناس حتى لا تكون هناك مِنِّة من المترشحين على أحد بشيء، فها أنا اليوم أعيد نفس الاقتراح، ولكن بشكل مخفف على الوزارة هذه المرة، بحيث يقتصر دورها في التنظيم فقط، فالمطلوب منها أن تأخذ من كل مترشح (500) ريال توضع في صندوق يخصص للانتخابات، فيصرف منه على استئجار حافلات، وشراء وجبات خفيفة ومياه، وذلك في المناطق التي لا تتوافر فيها مطاعم تقدم خدمات للناس، وليس كلهم بل الآتين من مناطق بعيدة، وإن زاد شيء من هذا المال، فيعطى لصناديق الزكاة، وأمام طراوة وحلاوة كرسي المجلس، فلن يتردد أحد في الدفع، وبذلك سيأتي الناس وليس في رقابهم مِنِّة من أحد على أحد، وعشمنا أن يكون لعُمان تميز ونزاهة، لأن لولا ذلك لما بقيت عُمان سيدة نفسها لآلاف السنين، لأن الفساد والظلم مدمر.

إننا نطالب وزارة الداخلية الموقرة، وكل الأجهزة المسؤولة عن مكافحة الفساد، أن تُعطي جل اهتمامها لمواسم الانتخابات، وأن تضرب بيد من حديد على المتلاعبين والمزلفين، فلا ينفع الأسف بعدما يصل المندسون إلى قبة مجلس عُمان، وينالوا شرف تمثيل عُمان في الداخل والخارج، وعندئذ يقال هذا العضو لا يصلح أن يكون عضواً في مجلس الشورى، فوقتذاك سيكون إخراجه في غاية الصعوبة، خاصة وأن هناك أشرارا يتربصون بنا الدوائر، وسيصورن ذلك الشقي على أنه كان فلت زمانه، ولأنه شديد الوطنية تم نبذه وإخراجه من المجلس، وسينقل مباشرة إلى فنادق لندن.

حفظ الله عُمان وحماها، وأعز سلطانها المبجل- حفظه الله وأدام بقاءه- الذي أعلى بنيانها على أسس ثابتة، وحولها من دولة تاريخية وحسب، لدولة عصرية تاريخية مُتوازنة، لا طغيان في الحداثة، وإنما حداثة مرسغة بالأصالة.

الأكثر قراءة