هذه هي عُمان

حمود بن علي الطوقي

رُبَّما كانت كلمة السلطنة التى ألقاها معالي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ74، والتي انعقدتْ بمدينة نيويورك، من أكثر الكلمات التي تداولتها وسائل الإعلام المختلفة، وتصدَّرت وسائط شبكات التواصل الاجتماعي، وحظيت بإشادة واهتمام من قبل المغردين.. إذ جاءت كلمة السلطنة مباشرة، وتعكس السياسة التي تنتهجها وتؤمن بها السلطنة، وركزت على التحديات التي تُواجه العالم بسبب اتساع الهوَّة ومُعاناة دول العالم بتحديات كثيرة نظرا للخلافات القائمة.

السلطنة -ومن خلال كلمتها- وكون العالم يَثِق بقُدرات السلطنة بفضل الحنكة والحكمة التي يتَّصف بها حضرة صاحب الجلالة السلطنة قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- تدعو لمدِّ جُسُور المصالحة بين دول المتحاربة، وترى أنه حان الوقت لإطفاء الحرائق المشتعلة في المنطقة بسبب الخلافات الجيوسياسية، وتأمل السلطنة أن ترى دولًا مستقرة ومزدهرة بعيدة عن الحروب والدمار، وتأمل أن تبنِي مُنطلقات جديدة في العلاقات الدولية تتوافق مع مبادئ حُسن الجوار وعدم التدخُّل في شؤون الدول.

هذه المبادئ التي تُؤمِن بها السلطنة جعلتْ من عُمان مصدرَ خير لكافة الشعوب، وجعلت من الدول المتنازعة تقترب من السلطنة؛ لكي تكون رسولَ سلام؛ حيث تمتلكُ السلطنة الكاريزما التي تُؤهلها لأن تلعب الدور الحيوي والمحوري في حل القضايا التي تهمُّ دول العالم، ومنها إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأنها مستعدة للتعاون مع الأطراف الدولية لعودة المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية لإنجاز "حل الدولتين"، وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وأنَّ عدم قيام الدولة الفلسطينية سوف يُؤدي لاستمرار حالة العنف والإرهاب.

السلطنة تُرحِّب دائمًا بالتوافقات السياسية السلمية، وتثمِّن جهود الوساطة الإقليمية لحل المشاكل، وترى أنَّ شعوب العالم يجب أن تعيش في أمان ورخاء وازدهار.

هذه السياسة التي تُؤمِن بها السلطنة وأثبتت السياسة الحكيمة التي ينتهجها المقام السامي، أنَّ السلام قيمة تتجاوز المستوى التنظيري، خاصة على مُستوى السياسة الخارجية، والصلات الجوارية مع الدول الشقيقة والصديقة، والالتزام بالأعراف والشرائع الدولية التي تنظم العلاقات البينية للدول، وهذا جَعَل من العاصمة مسقط محطَّ أنظار وإعجاب، خاصة في ظل سياسة النأي بالسلطنة وشعبها وإعلامها عن التدخل في شؤون الغير، ما لم يُطلب منهم ذلك، واحترام السياسات الداخلية للدول، وعدم التدخل في شؤون الآخرين.

هذه المناخات المتعددة، التي تعكسها سياسة السلطنة تشير إلى حقيقة راسخة، أثبتتها عقود من السياسة العمانية، التي أرسى دعائمها عاهل البلاد المفدى، وهي انعكاسات الإيمان بالسلام، والعمل به، والسعي نحوه، وإشاعته في مختلف المواقف، وهذا واضح في نهج السياسة العمانية الخارجية، التي عزلت السلطنة عن الدخول في صراعات وتحزُّبات وطروحات وخطابات لا تُسمن ولا تُغني من جوع؛ مما جَعَل من العاصمة مسقط محجَّ سياسي واقتصادي، وجعلها لاعبا إقليميا إيجابيا، ومؤثرا في الرؤية العميقة للسلام على المستويين الإقليمي والدولي.

هذه هي عُمان التي فتحتْ ذراعيها للجميع، وتؤمن دائما بأنَّ الحوار والمفاوضات هما أنجع الوسائل لحل الخلافات؛ من شأنها المساعدة على تحقيق السلام ونشر ثقافة الأمن والاستقرار التي تحفظ للأوطان وحدتها وتماسكها، وللشعوب كرامتها وأمنها وعيشها الكريم.