إيثار الصدارة.. في "ليجا متذبذبة"

حسين بن علي الغافري

انتهت القمة الكبيرة في الدوري الإسباني بتعادل سلبي بين ريال مدريد ونظيره أتلتيكو مدريد، ضمن لقاءات الجولة السادسة.. مباراة مُتحفِّظة للغاية بحث فيها المدربون على تجنب الخسارة والتكتل الدفاعي قبل البحث عن الانتصار والفوز. وشخصيًّا، توقعت من مدرب ريال مدريد زين الدين زيدان أن يهتم بالجانب الدفاعي في هذه المباراة خصيصَا بعد الكوارث الكبيرة التي قدمها الفريق في مستهل مشواره بالليجا وأول لقاء ضمن دوري أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان.

وفي المُقابل، استمرَّ دييغو سيميوني على ذات أفكاره في التأمين الدفاعي قبل الهجوم والصعود إلى الأمام بتدرج متأنٍ دون استعجال، والاعتماد على الكرات الثابتة وسرعة المهاجمين. ولو أنَّ إمكانيات المجموعة الحالية التي لدى أتلتيكو قادرة على بذل جهد أكبر في الجوانب الأمامية وسرعات ارتداد أعلى. وفي لقاء الديربي، انكشفت الأمور للمتابعين بصورة أكثر وضوح في نواحٍ مختلفة. الأمر الأبرز كان في أن البطولة هذا العام مرشحة لتعيش تقلبات كبيرة وعدم استقرار لأضلاع المنافسة، وهو ما يعني انخفاض المستوى الفني والتكتيكي، وانخفاض في معدل الترشيحات لهوية بطل المسابقة، ولو أنَّ الأمر مُبكر للحكم عليه الآن؛ إلا أنَّ البوادر والصورة تكون قد رَسَمت في أذهاننا انطباعات أولية منذ انطلاق الموسم، وهو أمر لم يحدث حتى اللحظة. الأمر الآخر تمثل في الانتدابات التي حصلت في السوق الصيفية؛ سواء في ريال مدريد أو برشلونة؛ حيث إنَّ الأسماء التي تعاقد معها الريال تبدو بحاجة لوقت أكبر لتقديم الإضافة المتوقعة. وقد شاهدنا النجم البلجيكي إيدين هازارد تائهاً في تشكيلة القلعة البيضاء وغير منسجم بالصورة الفعلية، ولو أن اللوم الأكبر لا يمكن توجيهه للاعب في ظل أداء متراجع لجميع العناصر الحالية وحالة من التشبع من الألقاب لعدد من الأسماء.

من جانب آخر، ريال مدريد -وكما ذكرنا في مناسبات سابقة- يمر بحالة فتور واضحة بين رئيس النادي بيريز ومدربه زيدان، بسبب عدم جلب الأسماء التي حددها، فضلا عن بقاء أسماء لا تتناسب مع خططه، وقد صرح طوال موسم سوق الانتقالات بأنه لا يريدها بتاتا وأولهم الويلزي جاريث بيل وثانيهم الكولومبي خاميس روديغز. وشاءت الظروف أن يعتمد عليهم بدرجة كبيرة حتى الآن بعد أن لم تحقق الانتدابات الجديدة الأداء المتوقع، وكذلك الإصابات المتكررة التي مر بها لاعبون مهمون.

كذلك الأمر ينطبق على برشلونة الذي انتدب الفرنسي جريزمان رغم معرفته التامة بأجواء الملاعب الأسبانية، إلا أن ما نعرفه من إمكانيات للاعب ليس كما شاهدناها حتى الآن وهو أمر يتحمله فالفيردي مدرب الفريق الذي لم يعمل كما هو مطلوب منه في تكييف جميع اللاعبين وفقاً لقدراتهم الفنية في مواقعهم الصحيحة. ولعل استمرار اسم فالفيردي حتى الآن مسلسل أبطاله ركائز أساسية في الفريق أمثال ليونيل ميسي وسواريز وجيرارد بيكيه وسيرخيو بوسكيتس والتصريح في أكثر من مناسبة بأن ما حدث خلال آخر موسمين من صورة سيئة لبرشلونة لا يتحمل مسؤوليتها فالفيردي بدرجة أولى!! الأمر الذي منح فالفيردي الثقة وأجبر الإدارة على تجديد ثقتها به كذلك. وإلا فإن بعد خسارة روما في الأولمبيكو بنتيجة عريضة بعد تقدم أكثر من مريح، وتكرار المشهد في الموسم الماضي بنصف نهائي دوري الأبطال ورباعيته من الريدز دون أي ردة فعل طوال التسعين دقيقة إيابا مسؤولية "كلية" للمدرب وتكرار للأخطاء وغياب الحلول الفاعلة. ولا أعتقد أنه قادر على أن يضيف أي جديد، وأمر مغادرته هذا الموسم كبير جدًّا قد لا يتأخر حتى يوليو المقبل. فبرشلونه بنجوم كبار وأسماء لها وزنها مع مدرب آخر كالفرنسي فينغر أو الهولندي كومان ولو لم تحقق الألقاب إلا أن تقديم كرة قدم ممتعة وجاذبة أمر لا خلاف عليه.

كل هذه الظروف التي تعيشها أقطاب البطولة الإسبانية في العقدين الأخيرين ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد، يشير إلى أن مسألة خسارة الكثير من النقاط واردة في قادم الأسابيع وإيثار كرسي الصدارة قد يطول حتى نهاية النصف الأول من الموسم -على الأقل- وهو ما يعني مباريات بمستويات فنية منخفضة.