أعاصير الاحتباس الحراري

فايزة الكلبانية

تُشير الدراسات إلى أنَّ للتغيرات المناخية تأثيرات متفاوتة على طبيعة حياتنا في الأرض، وقد يَكُون الاحتباسُ الحراريُّ سببًا في تشكُّل بعض الأنواء المناخية كالعواصف والأعاصير، والتي بدَورِها تمتدُّ لتتبعها تأثيرات اقتصادية مختلفة، وما الإعصار "هيكا" الذي تعرَّضت له السلطنة خلال اليومين الماضيين، إلا انعكاسٌ لهذه التغيرات البيئية.

وقد تركَّزتْ آثار الإعصار على محافظة الوسطى، وأجزاء من محافظة الشرقية، والذي من الغرابة أنه تشكَّل في وقتٍ زمنيٍّ لم نعتد فيه حدوث شيء من الأنواء المناخية والأعاصير؛ فقد اعتدنا على أن تحمل أشهر الصيف ما بين مايو إلى أغسطس النصيبَ الأكبر من احتمالات تعرُّض السلطنة لمثل هذه الأنواء المناخية والأعاصير، ولكن قد يكون بفعل الاحتباس الحراري الذي يُساعد على تشكل هذه الأنواء بمراحل تكوُّنها التدريجية.

فبعد إعصار "جونو" في 2007، شهدت السلطنة تعرضها لإعصار "فيت" في يونيو 2010، ومن ثمَّ تعرضت سواحل السلطنة لإعصار "مكونو" في مايو 2018، واليوم أصبحت السلطنة بحكم موقعها الجغرافي معرَّضة في أي وقت من السنة لأن تتعرَّض لأية أنواء مناخية كالعواصف والأعاصير، ولكن في المقابل: هل نحن مستعدون لمواجهة أي نوع من هذه الأنواء التي قد تتعرَّض لها السلطنة خلال السنة، خاصة في تلك المحافظات التي دائمًا ما تتركَّز فيها تأثيرات الأعاصير؟ وهل البنية الأساسية وشبكات التصريف وما شابه يُخطَّط لها بمواصفات وجودة عالية تختلف عن المناطق الأخرى لمُواجهة هذه التحديات، والتقليل من المخلفات والآثار التي قد تخلفها الأعاصير، وتفادي أية خسائر قد تنتج ليس على الأرواح والبشر فقط، بل أيضا نحرصُ على أقل خسائر في الأعمال والبنية الأساسية والبيئة والحياة؛ لأنه من الواضح أنَّ الأعوام المقبلة بحُكم موقعنا الجغرافي القريب من المحيط الهندي، سنكون عُرضة لحالات مختلفة من الأنواء المناخية كالعواصف أو الفيضانات أو الأعاصير، وهذا يتطلَّب منا أن نهيِّئ أنفسنا والبنية الأساسية وشبكات تصريف المياه بكل محافظات السلطنة لأي حالة وأنواء مناخية مفاجئة قد تتعرَّض لها السلطنة بشكل أكبر.

لا شك أنَّ تجارب السلطنة بمختلف أجهزتها ومؤسساتها في إدارة الأزمات من خلال تعرُّض السلطنة للأعاصير الثلاثة الأخيرة، أثبتتْ أننا قد وصلنا إلى مراحل متقدمة من التعلُّم والاستفادة في أخذ كافة أنواع الحيطة والحذر في التعامل مع مثل هذه الأعاصير، لكننا ما زلنا نحتاج لحراك أكبر في بعض الأمور؛ فجودة العمل تتَّضح في القدرة على الخروج بأقل الخسائر في البشر قبل البنى الأساسية؛ وذلك يتمثل في متابعة التنبؤات بالأرصاد الجوية بشكل أوَّلي ومباشر، والاستفادة من الإعلانات والتنبيهات للأماكن المتوقع تعرضها للخطر، إلى جانب استعدادات الجهات العسكرية المختلفة بما يلزم من الدفاع المدني بكافة أجهزته، وزيادة وعي المجتمع وثقافتهم، لا سيما عند الضرورة لإخلاء الأماكن السكنية التي قد تتعرض للخطر، إلى مراكز الإيواء المجهزة...وغيرها من أنظمة الأمن والسلامة لمختلف القطاعات التي تظل على أهبة الاستعداد، بدءا من وسائل الإعلام، والمجتمع والمركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة، وغيرها من الجهات المختصة بالأمن والسلامة في إدارة مثل هذه الأزمات.