مجلس الشورى الذي نريد

 

سالم بن نجيم بن محمد البادي

 

لا شك أنَّ المُشاركة في انتخابات مجلس الشورى واجب وطني وأمانة يتحملها المواطن الذي يتوق إلى تقدم وطنه ويبغي له الخير ويفتخر بالمشاركة الفاعلة في مناسباته المختلفة.

ألوم أولئك السلبيين الذين يُبيتون نية عدم المُشاركة في الانتخابات القادمة ومن يثبط الناس بحجة أن المجلس لا يحل ولا يربط وأن أيدي أعضائه مغلولة (والشورى ما معهم مع الوزراء) (ماشي فايدة في الأعضاء وما يرومون يسوا شيء) وأن العضو هو ساعي بريد بين المواطن والوزير والوزير محكوم بالخطط المعدة سلفاً والإمكانيات المتاحة ومراعاة الأولويات والظروف والأحوال التي تقدرها الحكومة، وعلى المشككين في فاعلية المجلس التوقف عن الردح واللطم على الخدود

وعلى كل مواطن غيور على وطنه المُطالبة برفع سقف صلاحيات المجلس حتى يستطيع أن يقوم بدوره ويقنع الناس بجدواه وحينها سيقبل الجميع على الانتخابات بكل حماس.

صلاحيات مثل مُحاسبة الوزراء والمساهمة في تنظيف البلد من الفساد إن وجد وحل قضايا الوطن الملحة في الاقتصاد والاستثمار والسياحة وتخفيف الأعباء على المواطنين من غلاء الأسعار والزيادة المتسارعة في الرسوم والروتين الضاربة أطنابه في بعض الجهات الحكومية والبيروقراطية والترهل والشيخوخة في بعض الوزارات وكثيرا من التعقيدات التي يمكن تجاوزها والاستغناء عنها بسهولة ويسر وقضية الباحثين عن عمل وتأخر ترقيات موظفي الخدمة المدنية وتوحيد منافع صناديق التقاعد والرقابة المالية الصارمة حتى لا توجع روؤسنا قضايا اختلاس المال العام، ونريد إزالة اللبس حول صلاحية عضو المجلس وضبابية مفهوم دوره حيث يعتقد أنَّ دوره خدمي من أجل ولايته خاصة ويظن الأفراد فيها أن من حقهم وقد انتخبوه أن يساهم في قضاء حوائجهم الشخصية يشهد على ذلك الرسائل التي يتقدمون بها إلى أعضاء مجلس الشورى وقد تنقضي فترة عضويته في المجلس راكضاً بين الوزارات وهو لم ينجز شيئاً من وعوده الانتخابية ولا يلوم هذا إلا نفسه فهو الذي أغدق عليهم بالوعود حين كان يتسول ودهم لينتخبوه ويضيع وقته محاولاً كسب رضا الناس وهذا كما هو معلوم غاية لا تدرك، ويروى والعهدة على الراوي أنَّ أحد الأعضاء كان يأخذ الرسائل من الناس لكنه عندما يتوارى عن الأنظار يمزق الرسائل شذرا مذرا ثم يلقي بها في وجه الريح وكأنه يتخلص من عبء يثقل كاهله.

أين المشكلة ومن المسؤول عن عدم وضوح اختصاصات عضو مجلس الشورى هل الجهات ذات الاختصاص أم المترشح الذي يدشن حملته الانتخابية بوعود وردية لخدمة وتطوير ورقي ولايته، ذهب مترشح إلى قرية من قرى ولايته يحث الناس على انتخابه قالوا له: (بس اللي سبقوك ما جابوا لنا شارع ولا شيء) ماذا عساه أن يقول؟ (إن شاء الله الخير جاي وأنا ببذل جهدي) وذلك المترشح الذي يعد الناس بمشاريع ذات أهداف واسعة في الزراعة والتجارة والصناعة وكل شيء يعدهم بالمدينة الفاضلة وتحويل الولاية إلى فردوس في الأرض ولا نعلم إن كان يوجد من يصدق تلك الوعود.

دور عضو مجلس الشورى تشريعي ورقابي والتشريعات التي يساهم في وجودها أو يقترحها هي خدمة للوطن كله وقد تخص أحياناً بعض المحافظات أو الولايات حسب الظروف التي قد تميز محافظة أو ولاية دون غيرها ويساهم بعض أعضاء مجلس الشورى في عزوف بعض الناس عن الانتخابات بتصرفاته ونكثه بوعوده ويوصف هذا بأنه (منتزق) ومحدث نعمة وتتضخم ذاته ساعيا وراء مجده الشخصي والأبهة التي يحاول الظهور بها وشهوة حب الظهور والمدح وتصدر المجالس وتلبية دعوات الحفلات والمناسبات الرسمية وغير الرسمية والإنفاق السخي طمعاً في دعوته لرعاية المناسبات والقيام بأعمال لا تخدم عامة الناس ولعل عينه دوماً على فترة عضوية أخرى

هذا يزعل إن لم يجلس في الصف الأول وفي المقدمة وقد يرغب في حجز مقاعد له في المُقدمة وبعض أفراد أسرته وحاشيته ويحب أن يذكر اسمه مقروناً بكلمة سعادة والترحيب به وذكر محاسنه وإنجازاته وقد ينسب إلى نفسه مشاريع كانت مقررة قبله أو هي من سعي سلفه العضو السابق.

ويترفع عن الناس وقد تمكن من بعد أن كان يتمسكن فيرفض الوقوف في الطابور لإنجاز معاملاته أو الانتظار في مكان انتظار عامة الناس وينتشي بالدعوات التي تنهال عليه لحضور المناسبات والاجتماعات.

حدث مرة أن جاء سعادة عضو المجلس متأخرا في حفلة دعي إليها ولما لم يجد الكرسي المحجوز له خصيصًا في المقدمة غضب وزمجر وفرد طرقي بشته كأنهما جناحي طير وخرج مسرعاً من القاعة وليس كل أعضاء المجلس كمن ذكرت ولا يجوز التعميم وليعلم سعادة العضو أن الناس يراقبونه ويأملون فيه الخير وعليه ألا يُخيب آمالهم وتظل أعينهم ترقبه وتُقيم أداءه .

المتغيب عن حضور الجلسات والمتسلل لواذاً الذي يؤثر السلامة يحضر الجلسات كما كرسيه صامتا وجامدا والذي امتهن الصراخ والضجيج مُقابل هدوء ووقار الوزير يدرك ألا فائدة من صراخه غير انتشار مقطع الصراخ في مواقع التواصل الاجتماعي والمتحدث بكلام ركيك خال من الأدلة والبراهين والمنطق لا يقنع أحداً فيأتي رد الوزير ليصمت العضو لعدم إلمامه بكافة جوانب القضية التي يتحدث عنها.

ومع كل ذلك يبقى مجلس الشورى تجربة رائدة وعرس ديمقراطي عُماني نشهده كل أربع سنوات في يوم الانتخابات.

وفي الدورة التاسعة نعول على وعي الناخب وعلى مصداقية المترشح لمعرفة ما له وما عليه والصلاحيات الممنوحة له ولابد من توسيع هذه الصلاحيات.

هيا بنا ننتخب ونأمل في مجلس قوي يحقق أمنيات وطموحات الجميع ولا ندعو إلى التصادم بين المجلس والحكومة بل نريد أن تكون يدا طولى لأعضاء المجلس الذين انتخبهم الشعب.