تنظيم التجارة الإلكترونية.. خطوة على الطريق الصحيح

 

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

طالعتنا الصحفُ المحلية -خلال الفترة الماضية- بحراكٍ نَشِط على الساحة العُمانية، مُؤخرا، فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية؛ منها: استحداث وزارة التجارة والصناعة لقسم التجارة الإلكترونية، وعقد مؤتمر عُمان للتجارة الإلكترونية.

حقيقةً جاءتْ هذه الأحداث المتلاحقة في وقتها؛ نظراً لما تشهده الساحة العالمية على وجه العموم والمحلية على وجه الخصوص من رواج منقطع النظير، وإقبال كثيف للتسوق الإلكتروني، والدليل على ذلك تجاوز المتعاملين للتجارة الإلكترونية سقف المليار متسوِّق عبر الإنترنت على مستوى العالم؛ لهذا دعت الحاجة لتنظيم وتطوير هذا القطاع، بل وبات من الضروري كذلك حماية المتعاملين فيه؛ سواء أكانوا تجارا أم متبضِّعين.

سبق وتطرقتُ لنفس الموضوع في مقال سابق نُشِر في الربع الأول من هذه السنة بإحدى الصحف المحلية بعنوان "التسوق الإلكتروني ضوابطه وأحكامه"؛ ذكرتُ من خلاله ماهية التسوق الإلكتروني، والحذر في استخدامه، وضرورة احتضان مواقع التسوق الإلكتروني عبر جهات حكومية، والإشراف عليها؛ مما يُوفِّر حماية مزدوجة؛ سواء كان للتاجر العارض للمنتج أو المتسوق، ويكون تحت مظلة رسمية لها ضوابطها وأحكامها، وأهمية التعدد في إنشاء شركات عمانية متخصصة في التجارة الإلكترونية، أو ما يطلق عليه التسوق الإلكتروني، خصوصا وأنَّ وزارة التجارة والصناعة والجهات ذات العلاقة أبدتْ تشجيعها ودعمها في الاهتمام لكل من يرغب في خوض هذا المجال بالنسبة لرواد الأعمال من العمانيين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لاسيما وأنَّ هذا المجال هو مجال رَحب ومفتوح حتى بالنسبة للخريجين الجدد، ولا يتطلب مكاتب دائمة والتزامات مالية فقط، كل ما يتطلبه الأمر تطبيق إلكتروني مبتكر جاذب للمتسوقين.

خُطوة تُشكر عليها وزارة التجارة والصناعة، ولكن ينبغي هنا المسارعة في إصدار "تشريع" أو "لائحة" تنظم عملية تداول السلع، والتي من شأنها أن تحفظ حق جميع الأطراف، وإنشاء سجل؛ أسوةً بالسجل التجاري يتم فيه قيد أسماء كل المتعاملين في التجارة الإلكترونية بالسلطنة، وفق ضوابط معينة، ويأتي السجل هنا ليحصر جميع المتعاملين في التسوق الإلكتروني تحت مظلة واحدة، كما ينبغي هنا التعاون على سبيل التكامل بما يخدم قطاع التجارة الإلكترونية مع الهيئة العاملة لحماية المستهلك، بصفتها جهة رقابية لتوفير مظلة حماية إضافية لهذا القطاع، لا سيما بعد ضبطها لشبكة تسويق منتجات مقلدة على أنها أصلية عبر منصة إلكترونية مؤخرا.

ومن الجميل كذلك، أتاحت الفرصة لأصحاب الأعمال المنزلية ولرواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الترويج لمنتجاتهم واستخدام الأساليب والتقنيات الحديثة في التسويق لها محليا وخارجيا، ولا مانع كذلك في إدراجهم بالسجل الخاص بالمتعاملين في التجارة الالكترونية، إنْ جاز له أن يرى النور من قبل وزارة التجارة والصناعة، وفق رسوم رمزية، وبلا شك أنَّ ذلك سوف يُسهم في تسهيل أعمالهم وتعزيز موثوقية تعاملاتهم وحفظ حقوقهم.

بَقِي أنْ نُشير إلى أنَّ تسوق المستقبل سيُصبح تسوقا إلكترونيا عابرا للقارات، وما كان صعبًا بالأمس الحصول عليه أصبح اليوم في متناول اليد، وبضغطة زر، ومن الأهمية بمكان تنظيم هذا القطاع بالشكل الأمثل وعدم إغفال ولو جزئية بسيطة حتى يستطيع الجميع التسوُّق عبر الفضاء المفتوح في أمان واطمئنان، وأن يرافق ذلك جودة وسرعة وشمولية في شبكة الإنترنت في كلِّ بقاع السلطنة دون استثناء؛ لكي يَكُون لدينا تسوق إلكتروني فعَّال.