مرشح الشورى والقضايا الاقتصادية

 

 

خلفان الطوقي

 

 

قبل عام 2014، تجد قليلاً من الناس في المجالس العامة والجلسات الخاصة يتحدثون عن المواضيع الاقتصادية، لكن الوضع تغير بشكل جذري بعد هذا العام خاصة مع تذبذب أسعار النفط ونزولها إلى ما دون 30 دولارا أمريكيا، والسبب في ذلك أنَّ السياسات الحكومية في التعامل مع هذه الأزمة مست بشكل مباشر حياة الفرد، ففي بداية الأمر لم يستوعب الموضوع، ولكن مع الأيام حاول استيعاب الموضوع، وحاول ربط المواضيع ببعضها لكي يتأقلم مع نمط معيشة جديد لم يعتده من قبل.

وبما أنَّ الفرد العماني أصبح أكثر وعيًا في الجانب الاقتصادي من ذي قبل وفي تطور مستمر، فكان لابد للحكومة أن تكون مُتقدمة في هذا المجال لتشرح له وتقنعه لماذا اتبعت هذه السياسة النقدية تحديداً ولم تتبع غيرها، ولماذا كان القرار هذا أو ذاك مثالياً وهو أفضل الخيارات المتاحة، وبما أننا نمر هذه الأيام بإحدى مراحل انتخابات مجلس الشورى في دورته التاسعة، والتي من المتوقع أن يكون الإدلاء بأصوات الناخبين واختيار أفضل المترشحين لعضوية المجلس في نهاية شهر أكتوبر 2019، ولأن مرشحنا للمجلس هو أقدر منِّا على مناقشة المسؤولين في الحكومة عن كافة المواضيع التي تمس حياتنا ومنها الملف الاقتصادي، فكان لابد من تسليط الضوء على هذا الموضوع تحديدًا من خلال هذه المقالة.

كما ذكرت في بداية المقالة، أن الناخب أصبح أكثر وعياً من السابق خاصة بالملف الاقتصادي، عليه فإن مرشحنا الذي ننوي ترشيحه لابد أن يكون متقدماً عنَّا بخطوات وقفزات من حيث فهم المصطلحات الاقتصادية بشكل دقيق وعميق، ويستطيع قراءة الوضع الاقتصادي وطرح حلول عملية ومتقدمة لأصحاب القرار في السلطة التنفيذية والمسؤولين عن الملف الاقتصادي في البلد، مرشحا متمكنا في معرفة لغة الأرقام والإحصائيات وتحليلها وإجراء المقارنات الواقعية لإبراز حجم التحديات والحلول المقترحة، مرشحا يستطيع مقارعة المسؤولين ورؤساء الوحدات من الوزراء والرؤساء التنفيذيين للمؤسسات الحكومية واللجنة الاقتصادية في مجلس الدولة بالحجة والمنطق، مرشحا يستوعب معنى قضية الباحثين عن العمل والتعمين والعمالة السائبة والتجارة المستترة والدين العام والميزان التجاري والسياسات النقدية والمالية، وقراءة المشهد من جميع زواياه، ومدى تأثير أي قرار أو تشريع أو قانون على جميع أطراف العلاقة ليصل بهم جميعاً لأرضية مشتركة تفيد المواطن إيجابا، شريطة عدم تأثير ذلك سلباً على أداء الحكومة أو القطاع الخاص، وإنما الوصول بجميع أطراف العلاقة لمبدأ "لا ضرر ولا ضرار".

مجلس الشورى الحالي وما بعده يحتاج لكفاءات اقتصادية كحاجته لكفاءات قانونية وتشريعية، خاصة وأنه لم يعد الناخب أو الناخبة يؤمن بالأصوات الشعبوية أو الأصوات العالية التي تتقن الكلام العاطفي المسترسل الذي يدغدغ المشاعر، لإيمانه بأنَّ هذه الأصوات موجهة للقلوب، وما أن تصل هذه الأصوات الحادة العالية إلى العقول إلا وتصبح ضعيفة كأصحابها، لذلك فلابد للمرشح أن يكون ملما واعيا ضليعا مطلعا على القضايا الاقتصادية، ولكي تكتمل الصورة الجميلة للمجلس للفترة القادمة وما بعدها، فكان لابد من حسن اختيار المرشحين الواعين للقضايا الاقتصادية، ولنا أن نتصور كيف سوف تكون قوة المجلس إن كان مشكلا من خليط متنوع اقتصادي وقانوني وعلمي واجتماعي، ولنؤمن بأن المجلس وصلاحياته وقوته ونتائجه تعتمد على مرشحنا، فقوة أو ضعف النتائج تعتمد في المقام الأول على من رشحت وقدراته وقيمه وخبراته.