أبو نبراس البوصافي | مسقط
أوْجعْتَني يا دهْرُ أعْميْتَ البَصَرْ
وتركْتنِي بينَ المَفـاوِزِ والحُفَــرْ
//
وتركْتنِي في حُزْنِ بحْرِكَ هائِمًا
أرْجو النَّجاةَ وقدْ تقاذَفَني البَحَرْ
//
ما عُدْتُ أَقْدرُ أنْ أُلازِمَ مَرْكِبِي
وثَرى الأحبَّةِ في عيُوني كالمَطرْ
//
أحْيَـى كأنِّـي في بلادي مِثْلَـمـا
يحْيى الغريبُ بِلا مـلاذٍ أوْ مَقَرْ
//
أدْميْتَ مَحْجَرَ عيْنِ كلِّ مُكَرَّمٍ
قلْبي لَظًى و دموعُ عيْني كالجَمَرْ
//
تبْكيكَ أغْصانُ النَّدى وحُقولُهُ
وكَذا الصَّلاةُ وصوْتُ مِحْرابِ الفَجَرْ
//
تبْكيكَ بُهْلا والدُّموعُ سَواكبٌ
أفلاجُها والوادِي أيْضًا والشَّجَرْ
//
الشَّوْقُ يُجْلي كلَّ أزْهارِ الضَّنَى
حقًّا فقَدْتُكَ في مقاديمِ العُمُرْ
//
كمْ كنْتَ نبْراسَ القلوبِ وطِبَّها
تِرْياقَها المغْروسَ في نورِ القَمَرْ
//
كمْ كنْتَ قاموسَ الكَرامةِ يا أخِي
وسراجَها الوهَّاجَ في يْومِ الظَّفَرْ
//
أسَفي عليْكَ وكلُّ دمْعي نازِفٌ
وكَذا الجوارِحُ ما لَها أيْضًا صبَرْ
//
أسَفي عليْكَ أيا نَقاءَ المُلْتَقى
ودَّعْتَنا والشَّوْقُ قدْ قَصَمْ الظَّهَرْ
//
وتركْتَنا بثيابِ ليْلٍ دامسٍ
وكأنَّني أعْمى بِذيَّاكَ السَّحَرْ
//
في ليلةٍ ظلْماءَ كنْتَ أميرَها
ومنارَها الوقَّادَ سمَّرْتَ البَصَرْ
//
لا تهْتَدي الأفْكارُ في عقْلي ولا
أقْوى عَلى حالٍ بدونِكَ يا بدَرْ
//
ريْبَ المَنُونِ فجَعْتَ عمْري مرَّةً
ذهَبَ الشِّهابُ وأظْلَمتْ دارُ النَّصَرْ
//
قلَبَ المَواجِعَ في فُؤادِ بِلادِنا
صعْبٌ علَيَّ فِراقُ حُسْنَكَ والهَجَرْ
//
يا مسْجِدَ الخطْوِ الذي في قريْتي
رحلَ الذي منْ وجْههِ نلْقَى البِشَرْ
//
إنِّي ويونسُ في الحنانِ سوِيَّةً
مثْلُ التَّوائِمِ لا يُخالِطُها العَكَرْ
//
ودَّعْتَنا يا يونسٌ و تركْتَنا
نقْتاتُ منْ طعْمِ المَحازنِ والسَّهرْ
//
رحلَتْ بكَ الأيَّامُ رغْمَ وُجُودِها
أوَّاهُ منْ يوْمٍ أتَانا بالخَبَرْ
//
أوَّاهُ منْ أمٍّ حَنُونٍ جاءَها
نعْيُ الحبيبِ بِلا وَداعٍ مُنْتَظرْ
//
وأبوكَ يحْضُنُ لوْحةً فيها الأَسَى
وكذاكَ زوجٌ قدْ تَقَمَّصَها الأَمَرْ
//
أصْحابُكَ العِشْرونَ قدْ سالَتْ بهِمْ
أطْنانُ دمْعٍ خِلْتُها نهْرًا حضَرْ
//
يا شربةَ النِّيلِ العظيمةِ ها هُنا
شهْمٌ أبِيَّ قدْ تعَتَّقَ في القَبَرْ
//
أنَسٌ فديْتُكَ إنَّ والدَكَمْ لَفِي
جنَّاتٍ ربٍّ لا يُضاهِيها الدُّرَرْ
//
وهناكَ في ثوْبِ السعادةِ قدْ لَقَى
أحْلى الجنَائنِ في ثيابٍ منّ خُضُرْ
//
يخْتالُ فيها بيْنِ حورِ العِينِ أَوْ
بينَ الأرائكِ والنَّمارِقِ والسُّرَرْ
......................
هامش:
إهداء/ حسين بن مبارك بن سالم الهنائي
عديل الفقيد/ يونس اليحيائي الخطوة- ولاية بهلا