"الأحمر".. بعد لقاء الهند

حسين بن علي الغافري

في مُباراة مُثيرة، عاد الأحمر العماني بالنقاط الثلاث من الهند، وبالتحديد من ملعب إنديرا غاندي بمدينة غواهاتي، في أولى مباريات المنتخبيْن ضمن التصفيات المزدوجة لنهائيات كأس العالم 2022، ونهائيات كأس آسيا 2023. فوز صعب ودرامتيكي لأبعد الحدود أمام منافس متطور وبات يزعج منتخبات كبيرة. الهند اليوم ليست كالأمس، فالتركيز الوطني في البلاد على كُرة القدم في الأعوام الأخيرة بلغ آفاقا واسعة، وعملية تطوير الدوري المحلي تسير بوتيرة متسارعة وحثيثة تكلمنا عنها سابقاً؛ من خلال انتدابات لأفضل اللاعبيين العالميين ولو أن سن عطائهم الكروي قد انتهى، ولكن المسألة برُمتها لتعزيز الثقافة الرياضية بكرة القدم التي لا تُعد الرياضة الأولى بالهند. منتخبنا الوطني عانى كثيراً في الملعب وافتقد اللاعبون للتركيز، والجُمل الفنية كانت غائبة في كثيرٍ من الأحيان، لذلك شاهدنا المباراة تُلعب على جزئيات محددة.

ضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي بحالة من السخط على أداء المنتخب في مباراته أمام الهند رغم الفوز والبداية الأولى التي غالباً ما تكون صعبة. حالة الغضب كانت بسبب الشكل الذي قدمه اللاعبون والأداء الفني المتواضع، فضلاً عن قراءات لبعض الأسماء التي كان يجب أن تُعطى الفرصة عوضاً عن أخرى كانت غائبة ولا تلعب حتى مع أنديتها. إجمالاً هي نتيجة إيجابية أكسبتنا النقاط الثلاث في الانطلاقة مع أمنيات أن تتواصل نتائجنا الإيجابية في مجموعتنا الخامسة، برفقة بطل آسيا العنابي القطري وبنجلاديش وأفغانستان والهند.

ورقيًّا، تبدو الحظوظ كبيرة لمنتخبنا الوطني في تجاوز جميع منتخبات المجموعة عدا العنابي القطري الذي يتقدمنا بفوارق كبيرة من جميع النواحي. خلال الجولة القادمة، ومع عدم لعب منتخبنا الوطني لمباراة خلال التصفيات للراحة، تكون الفرصة كبيرة لإعادة ترتيب الأوراق، وتنظيم الخطط الفنية، ويكون المدرب قد أخذ وقته الكافي لمعرفة وتقييم أداء اللاعبين في المباراة الأولى. بينما ستستقبل أفغانستان منتخب بنجلاديش، وسيستضيف المنتخب القطري المنتخب الهندي بعد يومين.

بشكلٍ عام، من المُبكر جدًّا الحُكم على المنتخب في أول مباراة، رغم أنه عاد بفوز مهم من ملعب صعب وأمام منتخب يقدم كرة جميلة كما ذكرنا. من غير المنصف أن نُطالب أكثر مما حصل، وأن نحلم بأداء مثالي وكرة قدم نشاهدها في منتخبات عالمية كبرى. فالعملية الرياضية تكاملية بدرجة أولى، وتحتاج إلى منظومة شاملة تبدأ بدوري كرة قدم تنافسي على أعلى مستوى، إضافة لاهتمام كبير بالأكاديميات الرياضية والفئات السنية، مروراً بصقل المواهب وتعزيز المنافسة، دون تجاهل البنية الأساسية في كل أركانها التي لا مَناص عنها في تكامل المنظومة الرياضية التي تضمن أن يكون العمل ممنهجًا وفق أسس وقواعد متينة. هذا وذاك لن يتأتى برغبة الشارع الرياضي وحده، وإنما بحاجة إلى إرادة وطنية ودفعة رسمية تنهض بمشوار الرياضة عامةً وكرة القدم خاصة. وإلا فإننا سنعود ونكرر ما تعودنا ترديده بعد كل إخفاق رياضي وبعد كل سقوط وخروج مر في أي بطولة نشارك بها. وهي مطالبات وأمنيات سمعناها عند كل جولة تصفيات، وتقلبات نتائج منتخبنا فيها.