الإعلامي سالم النجار وسيرة إعلامية مشرفة

د. محمد بن سعيد الشعشعي

غنيٌّ عن التعريف الإعلامي الكبير الأستاذ سالم بن عوض النجار المدير العام للمديرية العامة للإعلام بمحافظة ظفار، والذي يتقاعد هذه الأيام بعد خدمة وطنية مُشرِّفة بدأها مع بدايات الإعلام في بداية عصر النهضة المباركة، أو بالأحرى مع بداية الإذاعة في صلالة، قدَّم خلال الخمسة عقود ملاحمَ إعلامية متنوعة لخدمة الوطن الكبير، وحمل الرسالة الإعلامية بكل مسؤولية وأمانة وصدق؛ فعندما يكتب نشرات الأخبار أيام الحرب في ظفار كان ينتقي من المفردات ما لا يستطيع أن يأتي بها مُعِدُّو برامج الأخبار في إذاعة مونت كارلو، أو "بي.بي.سي"، رغم السِّجل التاريخي لهذه الإذاعات العملاقة في حينها، وإن كان النجار بدأ مُوظَّفا بسيطا إلا أن ذلك كان المكسب للإعلام في حينه؛ حيث تنقَّل بين الاستديوهات والأقسام المختلفة من البرامج إلى التحرير إلى مدير الإذاعة، ومن ثمَّ مدير التليفزيون، وبعدها نائب رئيس الإعلام، إلى أن وصل إلى المدير العام، لكن هذه البدايات وتلك التنقلات لم تذهب سُدى، وإنما كانت بمثابة خبرات متراكمة في فهم السياسة الإعلامية ومدى توظيفها لخدمة عُمان منذ بداية عصر النهضة رغم كل الظروف التي مرَّت بها البلاد، ومع تطوُّر الإعلام العُماني لابد أن يتطوَّر كذلك الفكر والمنطق الذي يُقدَّم للناس، وكذلك العقول التي تعمل وفق قراءة الأحداث التي تمرُّ بها البلاد؛ بدءا من المِذياع وإذاعة الكيلوواط، وصولا إلى الإعلام الكوني الذي جعل العالم على كفِّ اليد، وفي كلتا الحالتين لا يَبرأ الإعلامي من المشقة والتعب والسفر؛ فأحيانا يتنقَّل سالم النجار بملزمته ومسجِّله الصغير في طائرة سكيفن إلى صرفيت أيام حرب ظفار ليدوِّن ما يبثُّ الروح المعنوية للمقاتلين آنذاك، وفي مرات أخرى يكون له الشرف بأن يكون ضمن الوفد الإعلامي المرافق لجلالة السلطان -حفظة الله ورعاه- إلى بعض الدول العربية والشقيقة؛ ومنها على سبيل المثال: زيارة جلالته إلى جمهورية مصر العربية في ثمانينيات العقد المنصرم. ومن البحث عن المعلومة بين البيوت القديمة، وتتبُّع الأثريات في البوادي والأرياف من أجل تقديم عمل تليفزيوني أو إذاعي لا يتعدَّى بضعة دقائق، وفي المقابل يكون السفر أحيانا لحضور القمم الخليجية أو العربية على مستوى أصحاب الجلالة والسمو، والدخول في أرشفة المراكز الإعلامي، والتواصل مع الإعلام المحلي لتقديم الأخبار وما يدور بين السطور أحيانا، خصوصا إذا كان إعلاميًّا متمرسًا خاضَ من التجارب حُلوها ومُرها. لقد حدَّثنا الزميل سالم النجار عن كثير تجارب وتحديات يمرُّ بها الإعلامي أثناء تأدية رسالته الإعلامية ؛ فمنها ما هو مريح، ومنها ما هو غير ذلك؛ لأنَّ  هذا هو الواقع الإعلامي في أي مكان في المعمورة؛ فمهنة الإعلام أو الصحافة مهنة المتاعب والمشقة.

الأستاذ سالم النجار غنيٌّ عن التعريف كما أسلفت القول، خصوصا لأنه كان الإعلامي المذيع التي يقدم نشرات الأخبار والتقارير والبرامج بمختلف أنواعها؛ لذا فإنه معروف ومألوف عند الجميع. قد يطول بِنَا الحديث عن شخص رسم سيرته العملية في حُب عُمان وقابوس والوطن. فقد كان له أسلوبه الخاص في الإدارة، وفي التعامل مع الأحداث والوسائل الإعلامية المختلفة داخل وخارج السلطنة. أضف إلى كاهل العمل الإعلامي مُشاركته في الموتمرات والندوات التي تُعقد داخل وخارج السلطنة، ومُبادراته في الجمعيات الخيرية؛ مثل ترؤسه فرع جمعية السرطان بالمحافظة، وتوليه الجانب الإعلامي في مبادرة "راقي بأخلاقي"... وغيرهما الكثير.

ولا شك أنَّ مثل هذه القامة الإعلامية تستحقُّ التشريف والتكريم على أعلى المستويات، ويجب الاستفادة منها واستمرار التواصل معها في قادم الوقت، لتنضَح من مَعِين فكرها لعُمان التي تُكن الاحترام والتقدير والامتنان لهؤلاء الوفياء المخلصين.