المخيَّمات العُمانية في الديار المقدسة.. إلى أين؟!

خالد الميمني

مِنى... هذه البُقعة الصغيرة في مكة المكرمة، وهذا المكان المقدَّس الذي يُوسِّعه الله -سبحانه وتعالى- على عباده بكرمِه المعتاد. المبيت في مِنى من شعائرالحج؛ لذا يقضِي الملايين من الحجيج سنويًّا ثلاث ليال هناك؛ حيث تُنصب الخيام في مُخيمات مخصصة لحجيج الدول المختلفة. هذه المخيمات مُتفق ومُتعارف عليها سابقاً بين إدارات الحج المعنية في المملكة العربية السعودية الشقيقة وبعثات الحج الدولية المختلفة.

سنركِّز ونتحدَّث عن المخيم العُماني عموماً في هذا المقال، ونوجِّه الملاحظات إلى الجهات المشرِفة عليه بشكل مباشر للتطوير المستقبلي المرجو. البعثة العُمانية للحج ممثلة بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الموقرة وأصحاب الحملات (المقاولين)، والمطوفين من الجانب السعودي هم المعنيون خصوصًا.

عند وصول الحاج للمخيم تدُور في ذهنه تساؤلات عديدة من دهشة ما يراه من حالة أماكن النوم، ودورات المياه، والممرات، وحتى موقعه!

فالمخيم يقع في قلب مِنى، والوصول إليه بحاجة لوقت طويل لتجاوز الزحام الشديد؛ الأمر الذي يُؤثر سلباً على الجميع، ومنها أحياناً التأثير على بعض الشركات المكلفة بالتغذية عندما يُغلق المسار ويترتب على ذلك تأخير في وقت توفير الوجبات.

إنَّ لكل موقع أهمية؛ فالمربع المخصَّص لدول الخليج الأخرى له أفضلية تجنُّب الزحام وسهولة المخارج والمداخل، وكذلك الابتعاد عن مخيمات الدول التي لا تُعير للنظافة اهتماماً كبيراً. فالنظافة من الإيمان، فما بالكم بها في موسم أهم شعائر الإسلام ألا وهو الحج، رغم أن السلطنة في مُقدِّمة الدول التى تهتم بالنظافة على مستوى العالم! والرسول -صلى الله عليه وسلم- ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما.

أمَّا عن أماكن الراحة، فحدِّث ولا حرج! فرداءة الأثاث تُزعج عند الخلود للنوم، والوضع غير صحي بتاتاً لدرجة يصعُب معها المشي عند الافتراش للمبيت؛ لأنَّ المساحة المتوفرة تقريباً 4x4م لعدد 15 حاجاً بأربعة أجزاء أو ثلاثة لكل خيمة، أي ما يقارب 50 إلى 60 حاجاً في الخيمة الواحدة! ناهيك عن حالة دورات المياه فهي سيئة للغاية، وبعضها غير جاهز للاستخدام خُصوصاً في عرفات لعدم وجود الماء! لذا فاختيار الحزمة المناسبة مهم للحصول على المرافق الجيدة.

نتفهَّم أمور الصبر وتحمُّل مشاق الأسفار وازدحام موسم الحج...إلخ، لكن ينبغي أن يكون هناك اتزان بين السعر المفروض على الحجاج والخدمات المقدَّمة في المخيم والتي حقيقةً لا ترقى للمستوى المطلوب، بل هي دون المستوى من وجهة نظر كل من أقام فيه وشاهد مرافقه؛ لذا من المهم جداً رفع مستوى المخيم ليوازي السعر المدفوع! فليس من المعقول أن تتكرَّر هذه الملاحظات في كل عام، ولا نلمس تطوراً ملحوظاً للآن!

لقد حَان الوقت للقائمين على شؤون الحج من البعثة وأصحاب الحملات لإيجاد حلول وبدائل بخصوص المخيم العُماني في مِنى وعرفات، الذي يحتضن سنويًّا ما لا يقل عن 14 ألف حاج. فلا مجال لمزيد من الاجتهاد في هذا الخصوص، ولا ضير من التعلم من تجارب الدول الشقيقة أو إسناد المهمة لجهات أكفأ تكون متخصصة في مجال الضيافة مثلاً.

ويفضَّل من الناحية الصحية تقليص عدد الحجاج في الخيمة الواحدة، أو توسعة الخيام، مع مراعاة نوعية الأثاث المستخدم والأسرَّة. وعليه، أقترح توفير أسرَّة مزدوجة ذات طابقين لتعطِي مساحة أكبر، وكذلك زيادة عدد دورات المياه؛ الأمر الذي سيخفف الضغط عليها وتقليل الازدحام، خصوصاً في أوقات الصلوات وما بعد تناول الوجبات. فهذه خِيام ضيوف الرحمن، وليست خيام عمَّال! فهل يكون إكرام ضيوف الرحمن هكذا سنويًّا؟! أستغرب حقيقةً من عدم تلافي هذه الملاحظات للآن من قبل الجهات المختصة رغم تكررها سنويًّا!

وننصَح بتوفير عمال نظافة لدوارت المياه، وكذلك بعض عمال الصيانة للضرورة، كما أنَّ التحقق المسبق من جاهزية هذه المرافق أمرٌ مطلوبٌ؛ لكي نتدارك الوضع عند وصول الحجاج وكثرة الزحام.

أمَّا مَا حدث في مخيم عرفة، فيستدعي وقفة جادة مع المنظِّمين عن عملية توزيع الخيام هناك، تجنُّباً لما حصل من عدم التزام بعض الحجاج وأصحاب الحملات بالمخطط! فمسألة الاتفاق والتفاهم المسبق ضرورية لكبح جماح النفوس، كما أنَّ وجود عدد من الخيام الشاغرة في المخطط -والتي كان يجب استغلالها- يترك علامات استفهام كبيرة؟ على البعثة الاهتمام بسير العملية التنظيمية بشكل أفضل وأجود لعدم تكرار ما حدث!

كما ننصح بأخذ آراء وانطباع ومدى رضا الحجاج عن المخيمات عبر زيارات ميدانية مجدولة؛ لأنها أسهل كونها في مجمَّع واحد، إضافة إلى أخذ الآراء والمقترحات عبرالموقع الإلكتروني؛ فالتنظيم عملية احترافية وليست اجتهادا! والتغاضي الدائم عن مثل هذه الملاحظات أمر غير صحي.

من جهة أخرى، نُطالب "الطيران العُماني" بالمساهمة الإيجابية في موسم الحج، وتثبيت الأسعار وعدم رفعها أضعافاً مضاعفة! ويُمكن اعتبار الحج موسمَ سياحة دينية، وعليه يُضَمَّن في عروضه الترويجية الأخرى. فالشركات الوطنية للدول الأخرى تكون عوناً في مواسم الحج.

وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نتقدَّم بالشكر الجزيل لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بتكرُّمه وعلى نفقته الخاصة بتوفير وجبة الغداء لضيوف الرحمن في يوم عرفة، ونسأل الله -عزَّ وجل- أن يَجزيه عنا خير الجزاء، وأن يمده بالصحة والعافية والعمر المديد.

تعليق عبر الفيس بوك