"هاكاثون" لكل مناطق السلطنة

خلفان الطوقي

رُبما مرت على البعض كلمة "هاكاثون"، خاصة المهتمين بعالم البرمجيات والتكنولوجيا، وبعضُهم رُبما سَمِع عنها في وسائل الإعلام الحديثة أو التقليدية دون أن يعرف معناها أو أهميتها.. ولتعريف هذه الكلمة ببساطة وبشكل مُختصر: هي تجمُّع بشري يحضره عدد من المبرمجين ومطوري ومصصمي البرمجيات والمشرفين والموجهين والمحكمين والمتنافسين في مكان واحد، لتطوير حلول "عملية" من خلال استخدام التكنولوجيا لمعالجة التحديات التي تُواجه قطاعا معينا اجتماعيا، أو اقتصاديا، أو بيئيا، أو لوجستيا، أو غيره من التحديات العصرية، على أنْ تكون هذه الحلول قابلة للتطبيق، ويُمكن تحويلها إلى سلعة أو خدمة تجارية، وفي نهاية المسابقة التي قد تمتد لأكثر من يوم يفوز بها أحد الفرق المتنافسة، وعادة ما يتم مكافأة الفريق الفائز بمبلغ معين أو بتبني فكرته ماديا: جزئيا أو كليا، أو معنويا.

للسلطنة ثلاث تجارب في مبادرات "هاكاثون"، بدأت في منطقة مطرح بمحافظة مسقط، ومن ثمَّ أقيمت في ولاية صحار، والآن مُقامة في صلالة في محافظة ظفار، وسط مشاركة أكثر من 100 شاب وشابة من جميع أنحاء السلطنة، وكان التركيز في مجالات معينة؛ هي: السياحة، والبيئة، واللوجستيات.

مُبادرة "هاكاثون" -التي تستهدف عادة فئة الشباب- تحقق أهدافًا كثيرة؛ منها -بالإضافة للنتائج المباشرة والواضحة كإيجاد حلول تكنولوجية- النتائج "الخفية"؛ مثل: التعرف على طرق التفكير التحليلي، والعمل تحت ضغط شديد وفي وقت قياسي، والعمل مع مجموعة من الأفراد بروح الفريق، أيضا إتاحة الفرصة للشباب لمعرفة قدراتهم الحقيقية ومقارنتها مع باقي الشباب المشاركين، لكي يُنمِّي قدراته القوية منها، ويركز على ما يحتاج إلى تقويته، كما تبرز مثل هذه المبادرات المهارات الواقعية للشباب المبتكر أو من لديه ميول للابتكار ليتعرف عليه أصحاب القرار أو المستثمرين؛ كي يتبنوه أو يتعرف هو عليهم ليتعامل معهم مستقبلا والاستفادة منهم في التوجيه أو الاستثمار المشترك، أو تكوين "قاعدة مجتمعية" تتناسب مع ميوله واهتماماته، وأيضا ربط دراسته الأكاديمية بالواقع العملي وإدماجه في البيئة الميدانية والعملية.

أهم النتائج المرجوة أيضا: توجيه الشباب العماني للتركيز على الاستفادة القصوى من حلول الثورة الصناعية الرابعة، التي تُركِّز عليها حكومة السلطنة منذ عدة أعوام، ويتضح ذلك من خلال هذه المبادرة والمبادرة التابعة لديوان البلاط السلطاني "البرنامج الوطني لتنمية مهارات الشباب" المبنية على حلول الثورة الصناعية الرابعة التي تم تدشينها في مايو 2018م، وبمباركة سامية من لدن مولانا السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله تعالى وأبقاه.

المبادرات النوعية المركِّزة على المهارات المعرفية للثورة الصناعية الرابعة هي لغة الشباب العصرية التي يجب أن يتسلح بها الشباب العماني، ومن الواجب على الحكومة أن تركز عليها، خاصة وأنها هي لغة "الحاضر والمستقبل" الذي نعيشه، ويجب أن نستوعبه ونتعايش معه، والذي تتحول تفاصيله بطريقة ديناميكية سريعة في عالم متغير، وخير دليل على ضرورة الاهتمام بمثل هذه المبادرات النوعية هو تقرير مستقبل الوظائف الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي الذي اعتبر مهارات الثورة الصناعية الرابعة هي ضرورة ملحَّة للباحثين عن عمل محليا وعالميا. وعليه، فكما أقيمت مسابقة أو مارثون "هاكاثون" في محافظة مسقط وصحار وظفار، نُطالب بأن يُقام في كل محافظات السلطنة بشكل سنوي أو كل سنتين على الأقل، وبدعم حكومي وخاص مكثف وقوي، وتطعيم مناهجنا التعليمية بشكل "مبكر جدا" بمصطلحات ومهارات الثورة الصناعية الرابعة إن أردنا الريادة أو المنافسة على المراكز المتقدمة حضاريا في سلم الدول المتقدمة ونكون ضمن ركب المستقبل.