نيمار وبرشلونة.. الحاجة والطموحات

حسين الغافري

يشهد السوق الكروي في أوروبا هذه الفترة سخونة كبيرة كعادته، ولكن الملاحظ أن الصفقات الجنونية التي حصلت آخر عامين بتعاقدات جنونية لم تحدث حتى الآن، ولو أننا ما زلنا في بداية المشوار وصيف الانتقالات لم يدخل في الشد والجذب الحاد المعروف قبل نهاية موسمه. صحيح أنَّ هناك عدداً من الانتقالات الكبيرة التي تمت ولكن أغلبها كانت بوادرها منذ فترة. على سبيل المثال، صفقة انتقال الفرنسي جريزمان من أتلتيكو مدريد إلى برشلونة. عاش برشلونة إحباطا كبيرا وجماهيره بشكل خاص، وختمها بعدم رغبته في الانتقال مع تجديد عقده مع ناديه. وهي الحال ذاتها التي قد تتكرر مع البرازيلي نيمار الراغب في العودة إلى برشلونة مجدداً، والأخبار الكثيرة التي تربطه بالكامب نو. ولكن: هل عودة البرازيلي نيمار إلى برشلونة برغبة منه أم قطعة مهمة ينقصها الفريق ومن الضروري أن تتم استعادتها؟

أولاً، وقبل كل شيء علينا أن ندرك أن نيمار ومن يشاركونه في اتخاذ القرار أغدقوه بعدد من الأمور التي جذبته وملأت عينه بسرعة، إلى أن يحول بوصلته لباريس ويكون أميرها الأول، طبعا قبل كل شيء المال كان عاملا جوهريا في كل الموضوع، ثانياً: النجومية وتصدُّر ترتيب لاعبي العالم مع فريق طموح بقدرات مالية هائلة يُمكن أن يضم نجوما وأسماءً رنانة تشاركه تنفيذ رغباته، وبالتالي توقع أن يكون بطل أوروبا ويحصد فوق ذلك الكرة الذهبية ويبتعد عن ظل الأرجنتيني ليونيل ميسي في برشلونة. كل ذلك لم يحصل فنيمار خسر الكثير عدا الأموال، تضاءلت نجوميته وانخفض اسمه وبالتالي بعد أن كان خلف الأرجنتيني ميسي والبرتغالي رونالدو، بات الآن في مستويات أبعد وتقدمه آخرون بمسافات كبيرة، حتى إن مشوار باريس سان جيرمان في دوري أبطال أوروبا أثَّر عليه كثيراً، الفريق يغادر مبكراً ويسقط في مختلف الاختبارات خلال العقد الأخير.

ولكن مع ذلك، هل برشلونة يحتاج الآن لنيمار؟ الجواب هنا يضعنا في مداخل مختلفة، هناك من يقول بأن برشلونة لم يعد بذلك الاهتمام في جدية عودة نيمار، وهناك من يذهب بعيداً فإن نيمار مهم جداً لنجاحات برشلونة وقطعة لم يعوضها كما يجب. ولعلي أميل للخيار الثاني الذي يدفعني إلى القول بأن برشلونة ومع ترقب بدء موسم جديد لم يعوّض نيمار كما يجب، دخل كالمجنون في الأموال التي حصدها من عملية كسر العقد؛ وبالتالي انتدب الفرنسي ديمبلي من بروسيا دورتموند الألماني، والبرازيلي كوتينهو من ليفربول، ولعل الأندية سعت لابتزاز برشلونة بشكل كبير إن صح التعبير نظراً للأموال التي كان معلوما للجميع امتلاكه لها. برشلونة استعجل وقتها في الدخول إلى السوق، ولم يراعِ إطلاقاً الحاجة الفعلية لمعوض ناجح لمغادرة نيمار، كان من الأهم أن يُركز على النواقص الفعلية بغض النظر عن مغادرة نيمار. ولكن مع ذلك فإن برشلونة ومع ذلك الإنفاق ما زال بحاجة لنيمار لأسباب. برشلونة بحاجة لقائد يُكمل نجمه الأول ميسي، وهو دور كان يقوم به البرازيلي في مناسبات كثيرة ولم يعد يكمله برحيله. الفريق يعتمد كليا على ميسي ومتى ما فرضت عليه رقابة كثيفة أو لم يكن بيومه فبالتالي خيارات وجود نجم بشخصيته أمر مفقود. كذلك فإن نيمار بتكيفه وأدائه يميل للنادي الكتالوني الذي يحب الأداء الاستعراضي الهجومي المستمر. فضلاً عن أن حضوره عالمياً وتصدره ترتيب النجوم يتضاعف.

عموماً، سوق الانتقالات الكروية في بداية حرارته حتى اللحظة، ومؤمل أن تتضاعف أخبار ارتباطه ببرشلونة أو بغيره، ولكن الخوف من أن تكون وسيلة وورقة ساخنة يستعملها البرازيلي في مضاعفة راتبه أكثر وتمديد عقده بشكل أكبر. ومن هنا سيظهر ما في خلف الكواليس عن الأفكار التي تدور برأسه وطموحاته وتوجهاته. كما أنَّ الصحافة تميل إلى هذا النوع من الأخبار وتبحث عنها، كما أنها تبتكرها من العدم من أجل تعزيز مبيعاتها ومضاعفة إيراداتها.. دعونا ننتظر ونرى.