علي بن مسعود المعشني
Ali95312606@gmail.com
رغم حروب أمريكا على العالم منذ نشأتها وإلى مطلع الفجر إلا أنَّها لم تتجرع السم والهزيمة كما تجرعته في السنوات الأخيرة وبالتحديد في عمر ومفاصل ما أسمته الدوائر الغربية زورًا وبهتانًا بالربيع العربي. فهذا الربيع الغربي المشفوع بالجهاد الأطلسي وطابور الظلامية والرجعية العربية لتحقيق نظرية الفوضى الخلاقة وإصابة المنطقة العربية بجميع مظاهر وأعراض العفن والتحلل السياسي والفكري والقيمي وتعميق الانقسام السطحي والعمودي في مُجتمعاتها وتجذير الثأرات والأحقاد في قلوب أبنائها فوجئ بحائط صد مناعي غير مرئي صلب، عسكري وأخلاقي ومقاوم أفرغه من مفاصل مُهمة في قوته وأهدافه الاستراتيجية وأحاله إلى ما يُشبه حالات الحروب الأهلية والتي سرعان ما تُجبر أضرارها وتستعيد الشعوب عافيتها من وقعها وآثارها مهما بلغت حدتها.
ماحدث للأمة في مفاصل الربيع لا يُمكن نسيانه أو التقليل من آثاره إلا بالمقارنة مابين عظم المخطط ومحصلة الواقع المقاوم المضاد له، هنا فقط يمكننا القول بأنَّ الربيع رغم جسامته وفداحته إلا أن تكشفه وهول مراميه القصوى يجعلنا نشعر بالنصر الممزوج ببعض الحزن والأسى إلى حين، فحجم الخسائر المقدرة من مواجهة ربيع الغرب أقل بكثير بلا شك من خسائر تمكين الربيع وفصوله البائسة، فما الربيع سوى رأس جبل الثلج لجبال أخرى من المؤامرات التفصيلية والمقررة لاحقًا وفق حلقات مسلسل إستراتيجي متكامل كان سيتم تطبيقه لاحقًا حلقة حلقة.
ثورة 30 يونيو على أرض الكنانة وبطلها الشعب المصري العظيم بوعيه ووطنيته كانت الضربة المفصلية القاصمة لمُخطط الربيع المشؤوم حيث كانت ثورة 30 يونيو الشعبية المُباركة والتي استنهضت جيش مصر العظيم أولى ثمرات الاستجابة لدهاء القيادة السورية في تصدير الأزمة السورية ونقلها من أزمة قُطرية إلى أزمة أمن قومي عربي ومرحلة عنوانها "نكون أو لا نكون" ومرحلة استنهاض لكل قوى الشرعية الدولية والضمير الإنساني الحر في العالم، فحين نستعيد تداعيات الدهاء السوري وصداه في أرض الكنانة نستعيد معه صداه في موسكو وبكين وبيروت منذ عام 2013م وصولًا إلى تداعياته وصداه لاحقًا في غزة وصنعاء وبغداد وطرابلس والجزائر حيث كانت دمشق قلعة الصمود الأولى في وجه الربيع البائس ومخططه الجهنمي، ولا يمكن تجاهل دور ثورة الفاتح العظيم وصمود الجيش العربي الليبي شبه الأعزل في وجه الناتو لثمانية شهور وتكشف الحلقات الأولى لكنه الربيع وإن رافق ذلك غبش كبير.
وفي المقابل ينقسم الخصوم اليوم من أدوات الربيع ويلتفون على بعضهم بالحصار والمؤامرات والتهم بعد تخلي الكبار وتنصلهم حيث تتساقط الرموز والاستراتيجية معًا حلقة حلقة، فمنهم من لقي حتفه ومنهم من ينتظر الحتف المُبين، فمنهم من هرب قسرًا إلى صفقات مشبوهة ونزع ثوب التورية والحياء معًا، ومنهم من تحالف مع "الخصم والعدو" مكرهًا وهروبًا من عقاب الفشل الوظيفي المرتقب والذي كُلف به كحال تركيا الأردوغانية.
الكبار اليوم يسوقون أنفسهم وكأنهم لاعلاقة لهم بما جرى على الأرض وينسبون ذلك إلى عبيدهم غير المنضبطين والعبيد ينسبون ماجرى إلى توريط عبيد العبيد لهم وتضليلهم وتزيين الباطل لهم، وعبيد العبيد يلوحون بفضح العبيد وأسيادهم في حال نقص العلف وقلَّ الكلأ عنهم، ويستمر السجال في مراعي السياسة إلى حين اختيار العبيد وعبيد العبيد مصيرهم المحتوم وتيقنهم بأن مكانهم الطبيعي لم يعد فوق الأرض وتحت الشمس على الإطلاق.
قبل اللقاء: ينظر البعض ويذهب في وصف النصر وتوصيفه على أنه حالة من حالات الإجهاز على العدو وتدمير قدراته، ويتجاهل هؤلاء البعض أن النصر أيضًا يعني عدم تمكين العدو من تحقيق أهدافه ومخططاته بالمقاومة سلمًا أو حربًا، خاصة حين تكون أنت مسرح المعركة، وضحيتها أنت وأرضك وأبناء جلدتك.
وبالشكر تدوم النعم