عائض الأحمد
ينتظر بكل ودٍّ ومحبة، ويلتفت هنا وهناك، لعله يشاهد طيف ذاك الغائب جسدا وروحا.. يقف على ناصية ذاك الشارع المزدحم الملئ بالمارة يتفحصهم واحدًا تلو الآخر فربما يظهر له أمل يتمسك به منتظرا يوما آخر ويكرر لو لا الأمل لمات فينا كل شئ.
في وسط كل هذا سألته ماذا يشقيقك ويشفي منك كل هذا الانتظار فرد مبتسما لك الحق أن تسخر مما جهلت كما لي الحق أن أحيا على أمل ما علمت.
أنا أقف هنا منذ ثلاثين عامًا أمارس الطقوس نفسها، وأردد الكلمات نفسها؛ في البدء كنت أعتقد بأنها تصل، ثم علمت بعد ذلك بأنها لا تسمع، ثم تأكدت بأنها أصبحت شيئا من ضمن الأشياء.
عندما تكرر زيارتك وتصطحب معك من تحب فليس بالضرورة أن نحبه ونرحب به فليس لدينا مكان لكل هؤلاء.
قانون الحياة واحد، وسنتها الصغار يكبرون، وعندما يصغر الكبار يهمشون وربما أصبحوا من سقط المتاع .
كنت أحدث نفسي في تلك الليلة الظلماء: ماذا لو خطوت خطوة واحدة فقط، ثم عدت صاغرا صباح اليوم التالى، هل لك بعد هذا العمر أن تسأل هل رأيت ريحا تترفق بأغصان شجر، أو تتساءل أيكم أخضر وأيكم يابس.
هى كذلك تمر مرور الكرام، إن شاءت، وتحتطب ما شاءت، فليس لك غير لملمة الأثر وسرد الحكايات أثرًا بعد أثر.
ولك العبرة فيمن يقف يوما كاملا تحت الشمس، وربما تحت المطر ينتظر سنارته لتأتي له بخبر يقين، ليس لأنه قد يموت جوعا إن لم تأتِ، وإنما حبا في تلك اللحظات ليعود بعدها مبتسما منتشيًا ليمارس هوايته في يوم آخر.
إنها الكوميديا السوداء تضحك منها وتمارسها دون شعور منك عندما تسكنك فأنت لن تسأل جارك، أو أحد محبيك: هل مارستها يوما؟ فالإجابة لن تعنيك في شئ.
هل راقبت يوما تلك الساحة يتوافد عليها آلاف البشر يودعون بالدموع ويستقبلون بمثلها فرحا ألم تكن أحدهم؟ إن لم تكن ملهما فستكون شخصا عابرًا وفي كليهما ستجد من يقول: مر من هنا.
رواه الأحمد:
السراب امرأه!! إن استطعت الإمساك بها.