أفعال خادشة للحياء العام

مسعود الحمداني

المشهد مُتكرر، والأزياء الخادشة للحياء تنتشر في كل مكان دون حياء أو وازع، تحت أعين الجهات المسؤولة أحيانًا ودون علمها أحيانًا أكثر، فحين تتحوّل السياحة إلى آفة فلابد لنا من وقفة جادة، وحين تتحوّل الحرية الشخصية إلى تعدٍ على حريات الغير فهي جريمة، وحين تتعدّى هذه السلوكيات على قيم وأخلاق المُجتمع فنحن أمام قضية حقيقية تستوجب ردعها قبل استفحالها.. وحين تتحوّل شواطئ السلطنة إلى مُنتجع سياحي مفتوح لسلوكيات ذميمة بحجة مُمارسة (التشمّس) لذوي البشرات البيضاء والحمراء فنحن نقف وجهاً لوجه أمام كارثة ترمي إلى هتك عرض حياء مُجتمعنا العماني وعفته.

هذا الحديث ليس كلاما مرسلا، أو حديثاً يُفترى، بل أصبحت (ظاهرة) يشاهدها من يرتاد بعض الشواطئ العامة في أحيان كثيرة، يصمت عنها البعض بحجة عدم التدخل في شؤون الغير، ويثور عليها آخرون بسبب تعدّيها على خصوصية وأخلاقيات المُجتمع العماني المحافظ، وفي كل الأحوال فالخاسر الأكبر على المدى البعيد هو الأخلاق والقيم التي لا يلتفت إليها أمثال هؤلاء الغرباء إمّا بحجة السياحة أو الحرية الشخصية، رغم أنَّ قانون الجزاء العماني يجرّم ذلك في مادته رقم (294) والتي تقول: (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة ريال عُماني ولا تزيد عن ثلاثمائة ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ظهر في الطرق أو الأماكن العامة بطريقة تخدش الحياء العام أو تتنافى مع تقاليد وأعراف المُجتمع....).

 يخبرني أحد الأصدقاء عن موقف حدث له قبل أيام، حين كان يتريّض مع أسرته على شاطئ القرم، حيث شاهد مجموعة من السيّاح الأوربيين ـ نساءً ورجال ـ يستلقون بغير احتشام مطلوب على الشاطئ وكان معهما شابان عمانيان يبدو أنّهما مرشدان سياحيان، أبدى لهما الرجل استياءه من المشهد، وأخبرهما بكل أدب أن يُخبرا السيّاح بعدم قانونية الفعل، غير أنَّ المرشدين لم يأبها بالكلام بحجة أنّهم (ضيوف) على السلطنة!!..وأثناء الحديث أتى أحد أفراد المجموعة ليستفسر عن الأمر، فلما أخبره صاحبنا بأنَّ ما يفعلونه يعتبر منافياً للأخلاق العمانية، اعتذر الرجل (الأوربيّ) منه، وانسحب هو وبقية المجموعة بكل احترام من المكان!!..أغرب ما حدث في هذا الموقف أنَّ هذا (الصديق) اتصل برقم طوارئ الشرطة ليبلغهم بالأمر فردَّ عليه رجل الأمن: بأنَّ هذا الموضوع لا يتعلق بالشرطة بل يتعلّق بوزارة السياحة!!..ولا أدري ما دخل وزارة السياحة في هكذا فعل؟!!..وأعتقد أنَّ الأمر يحتاج لحملات توعية أكبر مثل نصب لوحات في الشواطئ بعدد من اللغات توضح السلوك الذي يجب أن يتبع في هكذا أماكن؛ إضافة إلى نشر توزيع ملصقات تحث على تنظيف الشواطئ وعدم ارتداء ما يخدش الحياء والذوق العام.

هناك عشرات المواقف المماثلة التي يخبرنا بها مرتادو الشواطئ سواء في محافظة مسقط أو في محافظات ساحلية أخرى من مشاهد تنتهك خصوصية المجتمع وأخلاقياته، وتضرب بقيمه المحافظة عرض الحائط، يفعلها بعض السياح جهلاً بقوانين الدولة كما حدث في القصة التي وردت، وقد يفعلها آخرون تجاهلا واستهتارا، وفي كل الحالات أعتقد أنّ توزيع منشورات (توعوية) في المنافذ الحدودية ـ البرية والجوية ـ للسيّاح حول المحظورات العامة غير المقبولة في السلطنة أمر ضروري يُجنبهم الملاحقة القانونية، ويجنب السلطات السياحية والأمنية الحرج الذي قد ينتج عن ذلك.

 إنّ ما تقوم به شرطة عُمان السلطانية ـ مشكورة ـ من خلال إلقاء القبض على أوكار الدعارة بشكل يومي في محافظات مختلفة يدعونا إلى الحزم تجاه كل ما يمس المجتمع قبل استفحاله، وليس بعيدا عن الموضوع فإنَّ ما نشاهده في المجمعات التجارية، وفي أماكن أخرى يدق ناقوس الخطر، وينذر بشرٍ مستطر، إن لم تتحرك فيها الجهات المسؤولة وتضرب بيد من حديد، وتُعيد للمجتمع هيبته وقيمه، وإلا فإننا سنفقد يومًا تلو يوم أوراق التوت التي تُغطي ما تبقى من أجساد وأخلاق شبابنا.

Samawat2004@live.com