"هواتف التسلية" تواصل سحب البساط من الكتب والمطالعة الشاملة

مختصون: معرفة الشباب بالمحيط العربي ضحلة.. وأولويات منصّات "التواصل الاجتماعي" انحدرت بالوعي

الرؤية – أسعد اليعقوبي

أجمع عدد من المهتمين والمختصين في الشأن التربوي والأسري أنّ الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي أضحت تشكل توجه الشباب واهتماماتهم، مقرونًا ذلك بعدم توظيفها في كثير من الأحيان في تقديم معرفة إنسانية ترتقي بالفكر والعقل، فتحولت بوصلة منصّات التواصل الاجتماعي من اتجاه المعرفة والعلم إلى اتجاه التسلية والدردشة غير المفيدة، لذلك بات الشباب ينصرفون وينشغلون عن القراءة والمطالعة شيئا فشيئا.

واتفق المختصون على أنّ معرفة الشباب بتفاصيل محيطهم العربي وثقافة البلدان العربية تكاد تكون ضحلة؛ على الرغم من أنّ المعرفة بمحيطنا العربي ذات ارتباط موضوعي بمسألة الهوية والتاريخ والجغرافيا المشتركة. وكشف عن ذلك استطلاع أُجري عبر تطبيق "انستجرام" شمل 255 شخصًا من طلاب الجامعات والكليات.

 

فجوة ثقافية

تقول نادية بنت راشد المكتومي متخصصة في المجال التربوي والأسري أنّ أولويات منصّات الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي التي تختصر المعلومة في أضيق نطاق وتستخدم للتسلية في أغلب الأوقات سبب أساسي في إحداث الفجوة الثقافية السائدة الآن، وبالتالي يفقد الشباب الرغبة في معرفة التفاصيل لشحّ المعلومات، كما أنّ الأسرة أحيانا تكون عاملا مساهما في تعزيز هذه الفجوة، من خلال تبني الجوانب السلبية في نقاشاتها عن الدول العربية، وبالتالي يشعر الشباب بالإحباط أو السخط تجاه هذه الدول فتبدأ العدوى الاجتماعية بالانتقال من الأسرة للشاب.

وتؤكد المكتومية أنّ الإعلام الجديد وما ينشره من معلومات سلبية – موجهة وذات غرض- عن هذه البلدان تجعل ثقة الشباب مهزوزة ومحبطة، بل تساهم في تكوين وجهة نظرهم عنها وربما يتطور الأمر إلى احتقار ونفور من هذه الدول يؤكده الواقع وما يدور من حروب وقلاقل سياسية وعدم استقرار كثير من دول المحيط العربي، الأمر الذي من شأنه أن يدفع هؤلاء الشباب للبحث والشغف عن نماذج لدول محببة تمثل القيم التي يبحثون عنها.

 

قصور المناهج

وأوضح خالد بن حمد الدرعي طالب صحافة بجامعة السلطان قابوس أنّ الممارسات الثقافية لدى الطالب العماني لم تعد مكثفة كما كانت، وهذه الممارسات هي التي تنمي معرفة الشباب العماني بالتفاصيل المحيطة به في البلدان العربية، بالإضافة إلى أنّ المناهج الدراسية التي أنشأت الشاب العماني كانت تفتقر للتفاصيل الضافية عن البلدان العربية، وإذا وجدت فتكون قليلة ولا تكاد تذكر. مضيفا أنّ هناك كمًّا هائلا من المعلومات المتدفقة لا يمكن للشاب العماني إلا أن يتخيّر ما هو أقرب لاهتماماته.

وتحدّث سلطان بن عبدالله اليحيائي -خريج إدارة العمال في كلية الخليج، أنّ عدم توصيل المعلومة بشكل واضح هو السبب الرئيسي في عدم معرفته بالبلدان العربية، بالإضافة إلى أنّها ليست من اختصاصنا أن نتعلم أو نُلمّ بهذه التفاصيل حيث تكون اهتماماتنا وأولوياتنا مُقتصرة على رغباتنا وقناعتنا الذاتية؛ أي أنّه ليس من شأننا. وتطرّق إلى أن النظر للدول الغربية هو المحور الأساسي للشباب الآن لأنّها دول منتجة ومتقدمة بمعنى الكلمة، ولا تسعى للحروب، وتستصحب معها التاريخ وهي تستشرف المستقبل الذي تعد له أيّما إعداد وتهتم بالإنسان والحيوان وحتى النبات، وهذه هي القيم التي يجب على العرب أن يتسموا بها.

ويرى محمد بن حمد الهنائي طالب تقنيات تعليم وتعلّم بكليّة التربية في جامعة السلطان قابوس أنّ الاهتمام بالشيء المختلف القادم من الغرب هو الأجدر بالاهتمام وذلك من باب التنويع والانفتاح على العالم الخارجي خصوصًا في ظل الطفرة التكنولوجية القادمة من الغرب، حيث أصبح الشاب العماني يهتمّ بمُصنعي هذه التكنولوجيا ويبتعد عن محيطه العربي ولا يحبذ الانطواء عليه، كما يعزو ذلك إلى الجمود الذي أصاب الدول العربية في النواحي المعرفية والاقتصادية.

وأشار إلى أنّ الشباب لم يعد لديه شغف القراء والمطالعة كما السابق.

فيما ذهب عبد المجيد بن عبدالله الشعيلي طالب إعلام بجامعة السلطان قابوس إلى أنّ غياب التنشئة الأسرية يدفع الطفل لعزوفه عن القراءة، فقد أدت الطفرة التكنولوجية بتسلياتها المختلفة إلى عزوف الشباب العماني عن القراءة ومعرفة ما يحيط بنا من ثقافات عربية، مضيفا "كنا نعهد الطالب الجامعي هو الإنسان المثقّف المطّلع المستنير الذهن، لكن الواقع اليوم عكس ذلك تماما".

وأردف قائلا: يجب علينا أن نهتم بمحيطنا العربي والاقليمي، خصوصا إذا كان هذا الإقليم إذا حضارة ضاربة في القدم، ومنبع الديانات ومحور الصراعات في العالم، ووفير بالمتغيرات التاريخية والسياسية والجغرافية على حد سواء.

 

تعليق عبر الفيس بوك