بيروقراطية مقيتة تعيق رياضتنا

أحمد السلماني

بحمد الله وتوفيقه، وبجهود المخلصين من أبنائه وباقي الأجهزة الرسمية والأهلية، تمكن فريقنا الأهلي بالقرية، وبعد عناء ومشوار طويل، وسيناريو دراماتيكي مرهق -أبطاله عديد المؤسسات الرسمية- استمر زهاء العقدين من الزمن، تمكن الفريق من الحصول على "الرسم المساحي" لأرض الملعب ليباشر أبناؤه فورا الخطوات الأولى لوضع اللبنة الأساسية من مقر ومرافق وملعب معشب عليها.

ومن أجل ذلك، تشرَّفتُ وزملاء لي بالفريق من الجلوس مع مجلس إدارة أحد الفرق الأهلية المجاورة لنا؛ للوقوف على تجربتهم الناجحة في تعشيب الملعب، وتشييد مرافق الفريق، الذي قام ويقوم على الجهود الذاتية لأعضائه وأهالي القرية التي يتَّبعها، وكَم كانت صدمتنا كبيرة للعقبات والعراقيل وطول الإجراءات الإدارية لدى الجهات الرسمية للموافقات والتراخيص المطلوبة لإدخال الخدمات الأساسية المطلوبة كالكهرباء والمياه والمتطلبات الخدماتية الأخرى.

المُدهش في الأمر أنَّ التعقيدات والتسهيلات المقدَّمة من الجهات الحكومية والشركات الحكومية ذات العلاقة تتفاوت من مؤسسة لأخرى؛ بمعنى أنَّ الأمور تسير وفق الأهواء "وعاد إنت وحظك"، إن تلقف المعاملة موظف إيجابي ومدرك لمسؤولياته وأهمية الخدمة التي يقدمها ويحتاجها هذا الفريق، فإن هذا سيختصر الكثير، والويل والثبور لك إنْ صادفت موظفا بمزاج متعكر ويهوى البيروقراطية ويؤمن بها؛ فهذا يعني مسلسلا تركيا طويلًا لا ينتهي من الإجراءات والاعتمادات المطلوبة، لن تنتهي إلا بعد أن تلجأ لمفتاح ذلك الموظف أو تلك المؤسسة، هذا لا يعني أنه لا تُوجد مؤسسات ارتقت وطورت دورة العمل بها، وبدورها أسهمت في تبسيط الإجراءات، والحقيقة أنَّ البيروقراطية لدى المؤسسات الحكومية واقع مُر تعاني منه الفرق الأهلية في سعيها للتطوير من مناشطها وبرامجها ومرافقها الخدمية خدمة للمجتمع.. فهل من مستمع؟

إنَّ الفرق الأهلية المنتشرة بكافة ربوع السلطنة إنما هي تجربة عريقة وفريدة من نوعها في المنطقة، بل والعالم تقريبا، واليوم نشاهد فرقا أهلية تجاوزت أندية في نشاطها وخدماتها وبرامجها في كافة المساقات التي يحتاجها المجتمع، والمتنوعة ما بين الثقافية والاجتماعية والرياضية، بل إنها وفي بعض القرى والولايات تُسهم في تنمية قدرات وإمكانيات الشباب، وتدعم الحكومة في توجهاتها نحو إيجاد برامج وأنشطة تشغل أوقات الشباب، وتوجه طاقاتهم نحو المفيد، وهي رسالة سامية تخلت عنها مؤسسات رياضية، وتلقفت مسؤوليتها الفرق الأهلية؛ وبالتالي صار حَريًّا -بل ضرورة حتمية- دعم هذه الفرق، ولو بالحد الأدنى؛ مثل: تبسيط الإجراءات الحكومية والخدمية المطلوبة لإيجاد مرافق يستطيع معها الشباب تنفيذ برامجهم وأنشطتهم عليها.

هنا.. لا بد من نقطة نظام، ووقفة جادة من الجهات المسؤولة عن الفرق الأهلية من مؤسسات الرياضية الرسمية والأهلية، خاصة الأندية التي تتبعها هذه الفرق ومجلسي الشورى والدولة لإيجاد آلية وحوار جاد لدى باقي المؤسسات الرسمية بالسلطنة؛ لتسهيل الإجراءات، والتخفيف من حدة البيروقراطية المقيتة وتعدد الجهات ذات العلاقة.

جَهد الحكومة مُمثَّلا في وزارة الشؤون الرياضية كبيرٌ في إيجاد المرافق الرياضية؛ من خلال المجمعات الشبابية الرياضية المنتشرة بكافة المحافظات تقريبا؛ وهي كالشجرة بعمودها الكبير، والأندية إنما هي الأغصان، فيما تمثل الفرق الأهلية أوراقها الخضراء اليانعة لتثمر لنا شبابا وقَّادا تواقا للعمل المجتمعي والرياضي.. رجاء خففوا من إجراءاتكم ومتطلباتكم؛ فالفرق الأهلية تطوعية وتستحق الدعم والمساندة.