مقاطع من رواية معجم طنجة لـ"محمود عبد الغني"


انتقاءات: نعيمة الحاجي | تونس
تجذبني جمل روائي مثل ريمارك، أو هيمنغواي، أو فيتزجيرالد التي تلخص بكثافة إنسانية الإيقاع المأساوي في العالم ..
***
مرت جين وهي في طريقها إلى مركز البريد ببناية مسرح سيرفانتس، تلك البناية الشبيهة بالقصر، والتي لم يتسن بعد للزمن هدمها بالكامل. لكنه سيفعل دون مقاومة، فالسلطة المغربية لا تهتم لأمر البناية، ولا تعرف من يكون سيرفانتس...البناية تذبل تحت الشمس وحيدة. والفن يكاد يحرمه الجميع دون إعلام ذلك صراحة. ..
***
بهذه الطريقة ينظر شكري إلى الأمور، بولز منطقة خطرة، الصداقة معه تتطلب أن تكون أمريكيا، وإن كنت مغربيا يجب أن تكون غنيا، وأن كنت مغربيا فقيرا، سينتهي بك الأمر مثل المرابط الذي قضى معه فترة، وهو يطبخ له ويغسل أواني مطبخه، ويدخن فرقته الكيف، ويقص عليه حكايات خرافية، يجعلها الكيف عميقة الغور.
***
_كان المرابط يعيش فترة طفولة ممتدة: تأتيه الحكاية، فيحكي، يأتيه الغناء، فيغني، دون أن يشك على الإطلاق في أنه حكواتي، أو شاعر. كان إنتاجه الحكائي ينتقل منه إلى بولز الذي يترجمه ، أي أنه قد يقصره، وقد يطوله، وقد يعيد تأليفه، أو يقر حكاية بأخرى، أو يؤلف قصيصة، تصبح تتمة لها. وهكذا تخرج من الحكاية حكايات، لا يستطيع إلا المرابط الادعاء بأنها له، من صميمه، من روحه، وسر من أسراره.
#####
بدأ بولز يقتنع بأن شكري سيصطاد كل من يزور طنجة ليكتب عنه كتابا : وليام بورز في طنجة جاك كيرواك في طنجة....فهذا الشيطان الريفي لا يمكن معرفة أفكاره،؛ فهو لا يظهرها لأحد حتى تكون مكتملة .. .فحياته مقسمة بين السكر والكتابة والقراءة.. .
***
وقف بول خارج البيت، وضع قدما على الأرض وأخرى في السماء. القدم التي في الأرض يشدها حبل الألم، والتي في السماء يرفعها حبل الرغبة. ... بقيت جين، كاتبة النثر الرائعة، تتحدث، بقوة، لم تكن تمتلكها من قبل وهي محاطة بزوجها..بدأت غالا تبكي ..لم تسمع حرفا ..من خطبة جين المونولوغية. .يا للسراب! الخديعة:انت تعتقد أنك تتحدث والآخرون يسمعون..وتظن انك تمشي نحو الأمام، لكنك في مكانك ثابت جامد. لا كلام يفصل بينك وبين الأخرين، هي فقط ..حالة بهيمية. يا الخديعة! ..بذلت جين جهدا كبيرا لفتح عينيها، فقد اعتقدت أنها حين تفتحهما، ستسمع الأصوات حولها لكنها لم تر شيئا، ولم تسمع شيئا.

 

تعليق عبر الفيس بوك