ترامب يفشل في تحقيق "أضيق" أهدافه الاقتصادية ويثير قلق الأمريكيين

"واشنطن بوست": أمريكا تستهدف كبح الطموحات التكنولوجية للصين

ترجمة- رنا عبد الحكيم

ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الولايات المتحدة في حربها التجارية ضد الصين تستهدف في المقام الأول كبح الطموحات التكنولوجية للصين.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها أمس إن الولايات المتحدة والصين وصلا إلى نقطة حاسمة في أهم علاقة ثنائية في القرن الحادي والعشرين، وأن ما بدأ العام الماضي كنزاع تجاري- أخذ الشهر الماضي شكل التسوية- يهدد بنشوب حرب باردة جديدة مع عواقب مدمرة محتملة لكلتا الدولتين والعالم أيضا. فالانقسام التكنولوجي بين البلدين يمكن أن يخلق منصات اتصالات منفصلة وأنظمة تكنولوجية مغايرة، ويمكن أن تتوقف تدفقات الطلاب والعلماء ورأس المال الاستثماري، وقد يتوقف أيضا التعاون بشأن المشكلات الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، مثل ملفات كوريا الشمالية وتغير المناخ. ويمكن أن تضطر بلدان من جنوب شرق آسيا حتى أمريكا اللاتينية إلى اختيار الأطراف.

وأكدت الصحيفة أن هذه هي النتيجة التي يجب على كل من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شين جين بينج السعي إلى تجنبها، لكن بدلاً من ذلك، يبدو أن كليهما يتبع سياسات تجعل ذاك السيناريو الأكثر ترجيحًا. ففي حالة إدارة ترامب، فإن الانحدار نحو المواجهة مدفوع بإجراءات متهورة وأحياناً لا معنى لها ولا تخضع لاستراتيجية متماسكة.

ومن المؤكد أن هناك إجماعًا في واشنطن على أن السياسة تجاه الصين يجب أن تتغير عما كان سائدا خلال العقود الأخيرة. ويراهن الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون على أن التجارة والاستثمار المتناميين بين البلدين والتعاون الدبلوماسي المستمر، جوانب يمكن أن تقيد نظام الحزب الشيوعي ليصبح لاعبًا عالميًا مسؤولًا وفق النظام الدولي المدعوم من الولايات المتحدة، ويصبح تدريجياً أكثر حرية في الداخل. واعتبرت الصحيفة أن نظام شي جين بينج حطم تلك الرؤية المفعمة بالأمل.

ويشن ترامب حربًا جمركية على الصين سعيا وراء مزيج من التنازلات الاقتصادية؛ حيث يريد الرئيس ترامب فرض تخفيض في العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وهو هدف لا فائدة منه يعكس جهل ترامب بالأسس الاقتصادية، في حين يسعى بعض مستشاري ترامب إلى إنهاء المعاملة الصينية غير العادلة للشركات الأمريكية، ويبدو أن آخرين عازمون على عرقلة محاولة الصين تطوير صناعات التكنولوجيا الفائقة أو تدمير الصناعات القائمة لديها.

وجاءت نقطة تحول الشهر الماضي بعد انسحاب شي جين بينج فجأة من اتفاق مبدئي لحل النزاع التجاري، وكان رد فعل ترامب ليس فقط الانتقال إلى توسيع نطاق الرسوم الجمركية على البضائع الصينية، لكن أيضًا تقييد مبيعات الشركات الأمريكية لشركة هواوي، عملاق الاتصالات في الصين. فهناك مخاوف حول علاقة هواوي بالحكومة الصينية، وهو ما يمثل حجة جيدة لاستبعاد منتجاتها من شبكات الاتصالات الحساسة في الولايات المتحدة والبلدان الحليفة لها، على الرغم من أن وكالات الاستخبارات الأمريكية لم تدعم تحذيراتها تلك بأدلة واضحة. لكن إجراءات ترامب تهدد فعلا بتدمير الشركة، أو إجبارها على تطوير إصداراتها الخاصة من الرقائق وأنظمة التشغيل التي تحصل عليها الآن من الغرب. وإذا تم تطبيق الحظر بالكامل وانتقمت الصين من شركات التكنولوجيا الأمريكية، كما هددت بالقيام بذلك، فإن فك الارتباط بين سلاسل التوريد التقنية في البلدين، وكذلك الأجزاء الأخرى من اقتصاداتها، يمكن أن يبدأ بجدية.

وترى الصحيفة أن النتيجة ستكون سيئة لكل من الأمريكيين والصينيين؛ إذ من شأن ذلك أن يجعل كلا البلدين أكثر فقراً في حين يزيد بشكل حاد من احتمالات أن ينزلقا نحو صراع أكبر، ويجب ألا تصبح المنافسة بين الولايات المتحدة والصين "لعبة صفرية"، كما كان الحال مع الاتحاد السوفيتي، وبدلاً من ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تسعى للحفاظ على تدفقات التجارة والاستثمار والأفراد والخبرات بين الاقتصادين، مع العمل بحرص لوضع شروط أكثر عدلاً وإنصافًا لهذا التبادل.

وتشير الصحيفة إلى أنه لتنفيذ مثل تلك السياسات، تحتاج الولايات المتحدة إلى حلفائها، من خلال إشراك العديد من الدول في أوروبا وآسيا في توجهات واشنطن إزاء الصين. لكن الصحيفة ترى أن ترامب مُصِرٌ على مواصلة حربه التجارية مع بكين من جانب واحد، بينما هدد بشن هجمات جمركية جديدة ضد شركاء رئيسيين، مثل اليابان وألمانيا، فقد ابتعد عما كان يمكن أن يكون أحد أقوى الأدوات لاحتواء بكين، من خلال اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ.

وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن تكتيكات ترامب في تحقيق أضيق أهدافه الاقتصادية، والآن يخاطر بإثارة صراع أكبر، من شأنه أن تثير أبعاده وعواقبه المحتملة قلق الأمريكيين الذين يأملون مزيدا من الازدهار والسلام.

تعليق عبر الفيس بوك