خلفان الطوقي
محافظة مسندم ليست كأي محافظة أخرى؛ فهي تحملُ خصوصية تُميِّزها عن كثير من المحافظات في السلطنة؛ من حيث موقعها وتضاريسها الجميلة وأجوائها المتنوعة ومناظرها النادرة، وكانت ولا تزال وسوف تستمر محلَّ اهتمام وعناية مولانا السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه ومده بالصحة والعافية- فأتت توجيهاته العُليا السامية الحالية صريحة ومباشرة؛ وذلك بضرورة منح المستثمرين في المجال السياحي مزايا الإعفاء الضريبي وقدرها 15% لمدة 10 أعوام من البدء الفعلي للمشروع، وإعفاء من الرسوم السياحية والبلدية ومجموعها 9% لمدة 10 أعوام أيضا من التشغيل الفعلي للمشروع، إضافة للإعفاء الجمركي على مواد البناء والمعدات والأجهزة التي يحتاجها المشروع.
عناية مولانا الحكيم بمحافظة مسندم ليست جديدة، بل كانت منذ بداية السبعينيات وتوِّجت بالتوجيهات العُليا للمقام السامي في أكتوبر 2012م عند زيارته للمحافظة، حينها أصدر عددًا من الأوامرح أهمها: توسعة مطار مسندم، وتحديث ميناء خصب وتوسعته، وتشيد طريق دبا-خصب، وإنشاء المستشفى المرجعي والكلية الجامعية، والمبنى الثقافي، وتطوير طريق خصب-بخا، وتشييد منازل لذوي الدخل المحدود ومنح أراض تجارية لنفس الفئة، وتشييد عدد من المجالس العامة، بعضها نُفِّذ، والبعض الآخر في طور التنفيذ، وبعضها مؤجل لسبب مالي أو فني وجارٍ التخطيط لتنفيذه في المستقبل حال توافر الاعتمادات المالية والانتهاء من الدراسات الفنية والاستشارية.
إطلاق مولانا السلطان -أيده الله- الأوامر السامية السابقة والتوجيهات الحالية يعطي دلالة واضحة لنظرة مولانا الثاقبة لهذه المحافظة المهمة والحساسة في ذات الوقت، والتي تقع في المنطقة الحدودية بحرا وبرا، وتطل أجزاء منها على أهم ممرات العالم (مضيق هرمز) الذي يربط الشرق بالغرب وتمر من خلاله حوالي 40% من منتجات النفط العالمية التي تشكل 85% من النفط الخليجي والإيراني والتي تصل لأكثر من 18 مليون برميل يوميا، إضافة لمنتجات الغاز الطبيعي المسال والبضائع الأخرى، وتذكير مولانا من خلال توجيهاته السامية الحالية يأتي في هذا التوقيت يحمل في طياته -بالإضافة لأهمية مسندم- ضرورة الاستعجال في تنفيذ الأوامر السامية السابقة، والتشجيع المستمر في جذب الاستثمار الداخلي والخارجي لضمان تنمية اقتصادية مستدامة التي ستحقق بالتالي -وبشكل تلقائي- منافع اجتماعية وأمنية.
لكي تتحقق التوجيهات السامية لمولانا السلطان المعظم على أرض الواقع وبشكل عاجل، فإنه لابد من أن تتحمل كافة الجهات الحكومية مسؤولياتها المناطة بها -خاصة المجلس الأعلى للتخطيط- من خلال اللجنة التيسيرية لمتابعة تنفيذ الإستراتيجية الشاملة للتنمية الاقتصادية والمخطط الشامل لمحافظة مسندم 2040، ووزارة السياحة، ووزارة النقل والاتصالات، ووزارة الإسكان، ووزارة التعليم العالي، ووزارة المالية، ووزارة التجارة والصناعة، وإثراء، ووزارة الصحة، ووزارة البلديات الإقليمية، ومجلس المناقصات، وشرطة عُمان السلطانية، ومكتب سعادة المحافظ، والهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وصندوق رفد، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، كل هذه الجهات عليها وضع توجيهات مولانا السلطان -حفظه الله ورعاه- موضع التنفيذ الفوري من خلال تنفيذ الأوامر السامية التي أمر بها في أكتوبر 2012م، وإزالة كافة العوائق التي أحالت دون تنفيذها، ووضع خطة عملية فورية قابلة للقياس والتقيم لتسويق التوجيهات السامية الحالية إلى الصناديق الاستثمارية داخل وخارج السلطنة وشركات القطاع الخاص، وتهيئة الجو العام للاستثمار من خلال الإسراع في إنجاز المعاملات والحصول على التراخيص اللازمة للاستثمار السياحي، وتوسعة صلاحيات مكتب سعادة المحافظ وأعطاه مساحة كافية للتحرك الميداني والاستقلالية التامة في بعض القرارات الاستثمارية العاجلة، والتفكير الجدي والعميق في إمكانية جعل ولاية خصب منطقة وسوقا حرة الذي سيُؤتي بنتائج شاملة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا في المدى المتوسط والطويل.
موقع محافظة مسندم الحساس جدًّا وتعدادها السكاني الذي لا يزيد على 45 ألف نسمة -وهو قليل نوعا ما- يتطلب التعاون والتكامل والتنسيق والتضحية من كافة الجهات الحكومية خاصة من الجهات المذكورة أعلاه ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني، واستثنائها من بعض القوانين المطبقة والإجراءات التي قد تعرقل أو تؤجل أو يكون هناك تردُّد في الاستثمار فيها؛ فهذه الجهات ستكون في اختبار عاجل وحقيقي في تسويق توجيهات مولانا الحالية، وتسويق المحافظة كوجهة سياحية مغرية، خاصة وأننا مُقبلون على أهم حدثين عالميين؛ هما: إكسبو دبي 2020، وبطولة كأس العالم 2022، واللذين سيقامان قريبا جدا جغرافيا وتاريخًا، فهل بإمكان هذه الجهات "تمكين" محافظة مسندم من الاستفادة فورا بجزء من كعكعة المكاسب الاقتصادية، وتحويل توجيهات مولانا السلطان السديدة إلى واقع ملموس لأهالينا في مسندم.