"نيويورك تايمز": الشعبوية والقومية ومعادة العولمة تمنح ترامب الفوز بانتخابات 2020

ترجمة- رنا عبد الحكيم

سخر الكاتب الأمريكي بريت ستيفنس في مقالة له بصحيفة نيويورك تايمز من سيادة "النزعة الترامبية" حول العالم، نسبة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ففي الهند أدلى أكثر من 600 مليون بأصواتهم على مدار 6 أسابيع في أكبر انتخابات ديمقراطية في العالم، وفاز دونالد ترامب، وخلال مايو ذهب عدة ملايين من الأستراليين إلى صناديق الاقتراع في انتخابات أخرى، وأيضا فاز ترامب، كما صوت مواطنو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، ورغم أنها لم تكن على قدر كبير من الأهمية، إلا أنها تحمل دلالات رمزية، وفي تلك الحالة وضعت الترامبية قدمها. كما إن الانتخابات التشريعية في الفلبين التي عززت من حكم رودريجو دوترتي، كانت فوزا آخر لترامب. وكذلك الأمر بالنسبة لإعادة انتخاب بنيامين نتنياهو في إسرائيل، وانتخاب يائير بولسونارو رئيسا للبرازيل في أكتوبر الماضي، وفوز ماتيو سالفيني في إيطاليا قبل عدة  أشهر من ذلك. ويتوقع الكاتب أيضا أن يحل اليميني بوريس جونسون محل تيريزا ماي رئيسا لوزراء بريطانيا.

ويذكر الكاتب أنه في عام 2016، وفي حملة انتخابية في مقاطعة ألباني بنيويروك حذر ترامب قائلا: "سنفوز كثيرا حتى تتعبون من الفوز وستقولون من فضلك من فضلك لقد حققت الكثير من الفوز لم يعد بإمكاننا التحمل أكثر من ذلك".

واسم ترامب بالطبع لم يكن موجودا في أي من الأصوات في الانتخابات الأخيرة بتلك البلدان، لكن على الرغم من هذه الحقيقة، إلا أن الواقع غير ذلك.

ففي الهند فاز ناريندا مودي بفترة أخرى بسبب قوة مناشدته للقومية الهندوسية والمشاعر المعادية للمسلمين إلى حد كبير. وفي أستراليا عارض سكوت موريسون التكلفة المرتفعة لتطبيق اتفاق المناخ- بما في ذلك الوظائف المفقودة- وفاز بفارق مذهل. وبدا أن بديل ترامب نايجل فارج وحزبه من مناصري خروج بريطانيا "بريكست" مثل المنتصرين الهاربين في الانتخابات الأوروبية. وفي البرازيل والفلبين، يبدو أن الخطاب السياسي لبولسونارو ودوترتي مرتبط عكسيا باحترامهما لحقوق الإنسان وسيادة القانون.

إن العامل المشترك هنا ليس مجرد الشعوبية اليمينية، بل إنه ازدراء للأيديولوجية التي تضع الأخرين في موقف يدفعهم لتكبد الثمن قبلنا، ازدراء للمهاجر قبل المواطن الأصلي، رفض للمصلحة العالمية في مقابل المكاسب المحلية، الأقليات العرقية أو الأثنية أو الجنسية قبل الغالبية. إنها ثورة ضد الأشخاص الذين يقولون: ادفع ثمنا فوريا ومرئيا مقابل سلعة طويلة الأجل غير مرئية. إنها كراهية لأولئك الذين يعتقدون أنهم قادرون على تحديد ما هو الخير ومع توقع شخص أخر يدفع الثمن.

وعندما اندلعت الاحتجاجات في العام الماضي في فرنسا بسبب محاولة الرئيس إيمانويل ماكرون رفع أسعار الغاز من أجل محاربة التغير المناخي، فرض شعار صغير نفسه يقول: "ماكرون مشغول بنهاية العالم، بينما نحن نشعر بالقلق مع نهاية الشهر".

ويؤكد الكاتب أن هذا أحد أشكال السياسات القوية، ولهذا السبب يرى الكاتب أنه لن تتم إعادة انتخاب ترامب العام المقبل، إلا في حالة الانهيار الاقتصادي أو صدمة في السياسة الخارجية. ويجزم الكاتب بأن القارئ مثله يرى أن الإدارة الأمريكية ما هي إلا كرنفال يومي للعار. كما يعتقد أن المحافظين أكثر ذنبا من الليبراليين والتقدميين في سياستهم تجاه المواطنين الأمريكيين، فهم يعملون بمبدأ 1% قبل الـ99% والشركات الكبرى قبل الرجل الصغير وهلم جرا.

ومن وجهة نظر الكاتب، فاليسار يعاني من مشكلة أعمق، وهذا جزئيا بسبب أنه يتعامل مع السياسة عن وعي كصراع ضد الأنانية، إضافة إلى الاستثمار النفسي العميق وبشكل متزايد في قضايا مثل: تغيير المناخ أو الهجرة. وبغض النظر عن أي شيء آخر يمكن أن يقال حول هذا الموضوع، فهو وصفة لهزيمة سياسية لا تتوقف إلا عن طريق الإحساس بالتفوق الأخلاقي.

ويقول الكاتب إن التقدميين يسارعون الآن نحو نفس المنحدر الذي مروا به في السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي. لكن على عكس الثمانينات، عندما كان المحافظون يتمسكون بمبادئ الحرية الاقتصادية ووحدة الغرب، فإن اليسار يمضي نحو يمين جديد يزداد ميلا إلى اليهود وإلى غير الليبراليين. إنه يخسر أمام الخاسرين.

لا ينبغي أن تسير الأمور بتلك الطريقة، فأنجح قادة اليسار خلال السنوات الثلاثين الماضية كانوا بيل كلينتون وتوني بلير، لقد آمنوا بفوائد الأسواق الحرة وأهمية القانون والنظام وتفوق القيم الغربية واحترام التفاعلات الأخلاقية للأشخاص العاديين. وفي هذا الإطار تمكنوا من تحقيق انتصارات ليبرالية مهمة.

ويتساءل الكاتب: ما هي الأخطاء السياسية وأوجه القصور الشخصية إذن؟ ويجيب: "الكثير في الحقيقة". لكن ترامب جاء وفاجأ الجميع بأنه أسوأ مما توقعوا. لقد بات أي شخص يعتقد أن المهمة السياسية الأكثر أهمية في السنوات القليلة المقبلة هي هزيمة ترامب في الولايات المتحدة.

ويختتم الكاتب مقاله بذكره أن سر النجاح يكمن في وجود خصوم أقل جاذبية، وقد قيل الكثير عن آثار الغوغائية والتعصب في قيادة هذه الانتصارات الترامبية، إلى جانب الأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تغذي القلق الشعبي.

تعليق عبر الفيس بوك