فواز عيد واعتذار الأحبة

 

زيد الطهراوي  | الأردن

 

"فواز عيد "شاعر فلسطيني من جيل الستينات ؛ ذلك أن أول مجموعة له (في شمسي دوار) كانت عام 1960 و قد وجدت استحسانا من النقاد و"فواز عيد" عاش بعيدا عن الضوء، و ذلك لأسباب قد يستغرب البعض منها، فهو شاعر فلسطيني مبدع و شعراء فلسطين نالوا مبتغاهم من الشهرة التي تعرف الناس بإبداعهم و قضيتهم، ومن هذه الأسباب أن "فواز" من شعراء الشتات.

فهو لم يعش في "فلسطين" ولم يكتب شعرا مباشرا يحض على التمسك بالوطن ليصنفه الإعلام العربي (شاعر مقاومة) كما حدث عندما حدد الإعلام عام 1967م أربعة شعراء بأسمائهم (توفيق زياد ومحمود درويش وسميح القاسم وسالم جبران)، ولم يكونوا وحدهم في ساحة الشعر والنضال داخل فلسطين فقد كان هناك (فوزي الأسمر وحبيب قهوجي وراشد حسين وغيرهم) الا أن انتاج بعضهم كان قليلا و بعضهم رحل الى الشتات مجبرا فلم يبق أمام الأنظار الا هؤلاء الأربعة كشعراء مقاومة.

"فواز عيد"  مثل (محمد القيسي) الذي اعتنى بشعره وكان حازما فقد محى بعض أشعاره التي وجدها فاقدة للمستوى الفني المطلوب ولكنه لم ينل شهرة واسعة كشعراء المقاومة و كذلك (عز الدين المناصرة) الذي ساعدته ثقافته الواسعة في الارتقاء بشعره، ولكنها لم تساعده في الارتقاء الى أسماع الجماهير العريضة.

وكل ما في الأمر أن الشعراء الذين كانوا في فلسطين يكافحون بأقلامهم وأسنانهم نالوا من الحب والاهتمام ما لم ينله غيرهم ممن رحلوا أو ولدوا في الشتات و لقد وصل الأمر بالشاعر "محمود درويش" إلى أن يكتب مقالا بعنوان (ارحمونا من هذا الحب القاسي) لأنه يريد لشعر المقاومة أن ينقد نقدا منصفا يظهر حسناته  فيشجعها وسيئاته فيقومها أما ذلك التعاطف و الحب فقد ساعد على شهرة الشعر و لكنه لن يساعد على نموه نموا سليما فقد يتغاضى عن بعض الأخطاء بدافع الحب القاسي كما عبر "درويش".

وهناك سبب آخر يختص بفواز عيد وهو قلة انتاجه مقارنة بغيره من شعراء "فلسطين" فقد انشغل بلقمة العيش عن الشعر وكان يبتعد عن اللقاءات والحوارات وعذره في هذا أيضا الانشغال بلقمة العيش التي لم تأته عن طريق الشعر ولكنها أتته عن طريق التدريس في دمشق والرياض و غيرها من البلاد.

واستعد الأصدقاء للاعتراف بذنب لم يرتكبه أحد منهم وهو أنهم ظلموا الشاعر بعدم المساهمة في أن يكون شعره على كل لسان، وهو اعتراف يدل على شدة محبتهم لشاعرهم، ولكن المتتبع للساحة النقدية يعلم أن النقاد لم يبخلوا بدراسة فواز عيد وكان من أجمل هذه الدراسات ما كتبه شاكر النابلسي في كتابه "رغيف النار والحنطة"الذي ضم عشرة شعراء، وقد أعطى "فواز عيد" حقه كاملا حين طبق على شعره نظريته (هندسة المعاني و معادلات السياسة).

تعليق عبر الفيس بوك