النساء والبذخ قبيل العيد

 

نجمة البلوشية

"السوق" عالم جميل ومكان جذاب للنساء، لأنهن يرين في زيارتهن إلى السوق ألوانًا من الحياة، فاحتياجات النساء من السوق لا تنتهي، وبالأخص المرأة الخليجية التي تنفق المال من أجل الجمال، فارتياد الأسواق مُتعلق بتحسن الحالة النفسية والصحية لديها حتى لو كنّ يشعرنّ ببعض الإرهاق، كما أنَّ التسوق لدى المرأة الخليجية بمثابة التنفيس عن الضغوطات اليومية، فتجدها تشتري قبل دخول رمضان خوفاً من الزحمة وارتفاع الأسعار، ثم تكتشف أنَّ ما اشترته ليس كافيًا، فتعاود التسوق من أجل الكماليات، وفي ليلة العيد تتذكر أن حذاءها ليس مناسبًا، فتعود للسوق مرة أخرى، هكذا هي الحلقة الأولى والأخيرة حلقة دائرية لا تنتهي لدى الكثير من النساء في الشهر الفضيل حيث تعيش معركة طريفة مع التسوق رغم تعبها وتكرار العراك إلا أنَّ نتيجتها الفرح والسعادة العارمة.

فيبقى التسوق من أجل العيد مشروعاً كبيراً لديهن، حيث إنَّ الإعلانات التليفزيونية بآخر صيحات الموضة والمنافسات النسائية، وانتشار ثقافة الماركات التي اكتسحت الحياة اليومية للأسرة بالإضافة إلى التخفيضات لها تأثير قوي على النساء في جذبهن وإهدار المال والوقت والتعلق بكل ما هو جديد.

هنا يتساءل البعض هل التسوق عادة أم حاجة لدى المرأة وبالأخص في الشهر الفضيل؟

منهن من تعد التسوق حاجة لا داعي لقضائها إلا للضرورة وليس مقتصرا على الرغبة وتجديد النفسية فقط، إنما الشراء يحتاج إلى مبلغ مالي قد يرفض الزوج صرفه، ويرى أنَّ هناك أولويات أخرى بدلاً من التسوق، قد تسعدها وتشعرها بالتجديد، كمُمارسة هوايتها، والالتحاق بالنوادي الرياضية من أجل الحفاظ على الصحة التي لا تُقدر بثمن في هذا الزمن، والكثير من الأمور كل حسب رغبتها، وأن التباهي والتفاخر بالماديات لا يجلب سعادة ولا ينسجم مع الدين فهي سعادة زائفة سرعان ما تزول، وأن مشكلة البذخ والإسراف من قبل بعض النساء في هذا الشهر الكريم ظاهرة تجاوزت كل حدود المعقول خاصة وأنها تخالف تعاليم الدين، والمحزن أكثر أنَّ انتشارها تسبب في الهلاك المادي والنفسي والاجتماعي، نتيجة حجم المبالغ الباهظة التي تصرف في شهر من أجل يوم أو يومين وقد نهى ديننا الحنيف عن هذا النوع من الإسراف فذكر ذلك في قوله: 

 "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" {الأعراف آية 31} وقال تعالى: "وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا، إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا " {الإسراء ـ الآيتان 26، 27}.

وقال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام: "كلوا واشربوا وتصدقوا من غير سرف ولا مخيلة"، فلا بد من الموازنة والالتزام بها.

هذه الظاهرة تحتاج إلى رفع تكثيف الوعي الأسري والاجتماعي وهذه المسؤولية تحتاج إلى أكثر من يدٍ لتلافيها، يد رب الأسرة، والإعلام والتوعية الدينية؛ لإيقاف هؤلاء النسوة وتجنب التنافس والتقليد لبعضهن ليس فقط في الأعياد بل أيضًا في الموائد والحفلات.

فلو تفحصنا الأمر جيدًا لوجدنا أروقة المحاكم تكثر بها قصص وحكايات وحالات الطلاق بسبب عدم مقدرة الرجل على اللحاق بقطار طلبات الزوجة التي لا تعد ولا تُحصى، والتي لا تتناسب مع راتبه الشهري، فيضطر إلى الاستدانة من البنوك فتتراكم عليه الديون هنا وهناك، حتى يصل إلى طريق مسدود فيتخذ قرار الطلاق هروباً من الواقع الأليم.

هنا نشير إلى أنّ العيد التقاء وتصافح وعفو تحت ظلال المحبة والألفة، ومد يد العون للمحتاجين؛ التي تُدخل البهجة والسرور إلى قلوب المساكين، وتقصي أحوالهم وتُغني الفقراء عن الطلب في يوم العيد، ولا ننسى دورنا في استغلال هذا الشهر بالعبادة بحيث نتوج أعمالنا الصالحة في شهر رمضان.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك