الخاتم والسمكة

المعتصم البوسعيدي

نتذكر جيدا قصةَ الخاتم الذي ضاع من المرأة في شاطئ البحر، ثم بعد فترة طويلة اصطاد زوجها أو اشترى من السوق -حسب رواية أخرى- سمكة كبيرة، وأحضرها للبيت كقوت يومهم ورزق طعامهم الشهي، وعند تقطيعها -وبشكل مفاجئ- وجدت الخاتم الضائع، فكانت الفرحة.. وهو ما ينطبق عليه المثل القائل عند إخوانا المصريين: "المال الحلال ما بيضيعش".

والحال الرياضي في السلطنة -الذي ربما أسرفنا في ذكره مرات ومرات- تنطبق عليه نسبيا قصة الخاتم، فقد كنا نمتلك خاتم رياضتنا الثمين وثمة خطوات جميلة كانت تتشكل منذ سطوع نهضة عُمان الحديثة؛ فقد وصلنا إلى ذهبية أولمبية آسيوية، ولقب خليجي للأندية، ووصافة أندية آسيا، ومحترفين في دورينا المحلي لهم صيتهم المعروف: الصنهاجي، طارق ذئاب، حسن شحاتة، الداودي...وغيرهم، مع جماهير تمتلك الشغف والحب والانتماء، ثم ماذا؟ ثم ضاع هذا الخاتم وذهبت به السمكة دون عودة حتى الآن، ومعها توقفنا وتقدم الآخرون، بل إننا تراجعنا خطوات للوراء حد بلوغ المنحدر.

هل كان رأس مالنا ذاك الخاتم؟! لقد تهلهلت الأندية وتفككت، وصار بحثنا عن الميدالية الأولمبية "كالنفخ في قربة مشروخة" وحاصرتنا السوداوية في المشهد الرياضي الذي ما إن يضيء الفرح في مكان ما حتى يعم الترح في ذات المكان، وسقطنا في مستنقع سوء التخطيط؛ فلم نرَ الحداثة تغزو ملاعبنا الجلمود الصماءْ، وفقدنا -ونحن سادة البحر- بوصلة السفينة للواحة الخضراء الغناء، وحتى الدعاء لم يشفع لنا بالحصول على تلكم السمكة التي التهمت خاتمنا المفقود.

نفتح المذياع، أو نشاهد التلفاز نجد الحكاية نفسها، ثم ننطلق في مواقع التواصل الاجتماعي لنجد بين ثناياها الغث والسمين وشعورا واحدا مؤلما؛ يا ليتنا توقفنا عند زمن الخاتم السعيد، يا ليتنا لم نفقده، وبكاء على "اللبن المسكوب" ولا طريق واضح للمستقبل القريب ولا البعيد، كما لا ندري ما الحل مع علمنا به!! نعم نعلمه لكن بدون أدوات التنفيذ؛ لأننا ببساطة نستكبر على الناس حقهم في اعترافنا العريض "نحن على الطريق الخطأ" هذه الكلمة التي جعلت الكراسي تدور على المسؤول "بتاع كله" والمسؤول الذي "يتعلم الحسانة على رؤوس المجانين"، والانتظار ومراقبة الأقدار بات فن الإدارة عندنا؛ انتظار سمكة الخاتم من البحر الواسع، أو انتظار الذهب الذي تمطره السماء، وإنا لمنتظرون!