"جارديان": "جوجل" و"هواوي".. حرب بين أمريكا والصين

ترجمة- رنا عبد الحكيم

اعتبرت صحيفة جارديان البريطانية أن الأزمة الأخيرة بين العملاقين جوجل وهواوي ليست سوى فصلا من حرب تجارية مستعرة بين بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وأن الأمر لا علاقة لما مطلقا بالتكنولوجيا ومن سيتفوق تقنيا.

وذكرت الصحيفة في افتتاحيتها أن الحروب التجارية هي حروب حقيقية من السهل إشعال فتيلها لكن من العسير أن تضع أوزارها. وقرار جوجل الأخير يحظر تطبيقاتها على هواتف هواوي الذكية في المستقبل، لكنها ستستمر في دعم تلك المعروضة حاليا في الأسواق. وأغلب الظن أن هذا القرار جاء بعد ضغط كبير من جانب الإدارة الأمريكية، وأكدت الصحيفة أن هذه الخطوة سيندم عليها جميع الأطراف.

وعلى الرغم من أن هواوي كانت تقوم بتخزين الرقائق التقنية المستخدمة في صناعة هواتفها، كما يفترض أنها تملك وسائل أخرى للدفاع عن مصالحها، إلا أنه لا يوجد ما يمكنها بيعه للمستهلكين خارج الصين لا يعتمد على التقنيات الأمريكية. وبالتالي يمكن أن يختفي أكثر من نصف سوقها العالمي، بعيدا عن معدات شبكات الجيل الخامس والتي كانت السبب المباشر لهذه الأزمة.

وبالنسبة لجوجل فإن تكلفة هذه الأزمة لم تضح بعد، فهي بالفعل تم استبعادها من السوق الاستهلاكية الصينية، كما أن مبيعات هواتف أندرويد- التي تعتمد عليها بشكل متزايد- مستقلة تماما عن الشركة المصنعة. والمستهلكون الذين ربما اشتروا هاتف هواوي سوف يشترون ببساطة من شركة هواتف منافسة بدلا من ذلك. لكن على المدى المتوسط والبعيد ستظهر أضرار هذا القرار.

وعلى الرغم من أن نظام التشغيل "أندرويد" مفتوح المصدر ويمكن استخدامه بحرية وتكييفه من قبل أي شخص، إلا أن أندرويد بمفرده غير قابل للاستخدام، وتتحكم جوجل في البرامج التي تجعل أندرويد جذابا وقيما للمستهلكين. فشركة جوجل تمتلك برامج مثل الخرائط والبريد ومساعد البحث ومتجر التطبيقات، ويجب على الشركات الراغبة في استخدامها توقيع اتفاقيات تفيد بعدم إنشاء هواتف تعمل بنظام تشغيل مختلف. وهذا يضع تلك الشركات تحت رحمة جوجل تماما، والتي أظهرت الآن أنه لا يمكن الوثوق بها. وتحت ضغط الولايات المتحدة، تقطع جوجل كل السبل أمام كل ما يساعد على بيع هاتف أندرويد. فكيف يمكن الاعتماد على جوجل كشريك؟!

وتعد هواوي واحدة من الشركات القليلة الكبيرة بما يكفي لتتمكن من تطوير بديلها الخاص بالنظام الإيكولوجي بالكامل في جوجل. وكان عليها بالفعل القيام بذلك واستخدامه في السوق الصينية، لكن لطرح منتج قادر على المنافسة خارج الصين يتطلب الأمر سنوات وربما يكون مستحيلا.

وتتعرض هواوي للهجوم باعتبارها ممثلا للدولة الصينية، وهذا يعني أن الدولة الصينية ستدافع عنه بموارد الدولة. وقاومت بريطانيا بحكمة حتى الآن الضعوط المتزايدة لاستبعاد هواوي من مشروع تركيب شبكات الجيل الخامس، ومع ذلك تم بناء الشبكة وسوف تعتمد على الأجهزة المصنوعة والمصممة في الخارج.

وتؤكد الصحيفة في نهاية الافتتاحية أن من المستحيل تحقيق الاستقلال التكنولوجي، لكن الصراع هنا لا يدور حول التكنولوجيا على الإطلاق، بل إنه يتمركز حول الهيمنة، ومن ستكون له السيادة، وسواء كانت الصين أو الولايات المتحدة هي الفائز فإن كلا الجانبين سيعاني، وربما تكون الأطراف الثالثة مثل المملكة المتحدة هي الأكثر معاناة.

تعليق عبر الفيس بوك