بركة السحور

محمد قنات

يحرص الكثيرون على تناول السحور بصورة دائمة خلال شهر رمضان؛ امتثالاً لسُنة رسول الله، كما أن هذه الوجبة التي يتم تناولها في آخر الليل تُعِين الصائم بصورة كبيرة على الصيام والقيام، وترفد الجسم بالطاقة، وتزيد من نشاطه، وتمنحه الدافعية لمواصلة صيام الغد.

كما أن في السحور بركة كما جاء في الحديث، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسحروا، فإن في السحور بركة". ولا يشترط أن يتناول الصائم شيئا معينا من الطعام خلال السحور، ويمكن أن يتناول التمر أو خلافه من الأشياء الخفيفة التي لا تؤثر على المعدة خلال الصيام.

وهناك من يعد مائدة متكاملة ظناً منهم أن الأكل خلال السحور يُمكن أن يظل أطول فترة خلال الصيام؛ وبالتالي لا يشعرون بالجوع والعطش في نهار الصيام؛ فالسحور يمكن أن يكون بالتمر أو بالماء أو تناول أي وجبة خفيفة لا تشكل ضررًا على الصائم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السحور أكله بركة فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء؛ فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحّرين".

ومن مُنطلق الحرص على السحور ونيل الثواب، أصبح البعض يتسابق على إيقاظ الناس لتناول السحور لما له من بركة، وسمِّي على من يُوقظ الناس في هذا الوقت بالمسحراتي، وهو عادة ما يحمل في يده الطبل، وينادي في الأحياء بعبارات تختلف من مكان لمكان ومن بلد لآخر؛ فمثلاً في مصر ينادي المسحراتي بعبارة "اصحى يا نايم، وحد الدايم، رمضان كريم"، وبمجرد أن يتسلل هذا الصوت إلى مسامع الناس حتى يشرعون في تناول السحور استعداداً لصيام يوم جديد.

ويعدُّ المصريون أول من استخدموا الطبلة لإيقاظ الناس في السحور، مردِّدين بعض العبارات التي حفظها الناس وأصبحت متداولة، وتتسم باستخدام السجع والجناس، فتبدو وكأنها أبيات شعر أو نثر مقفَّى، وكذلك الحال في معظم الدول العربية كاليمن والمغرب والسودان؛ فقد كانوا يدقون الأبواب وينادون بالسحور، وهذه المشاهد هي التي تجعل لرمضان طعما خاصًّا في تلك البلدان.

والمسحراتي في كثير من الأحيان يُمكن أن يكون أكثر من شخص أو مجموعة حملوا على عاتقهم مهمة إيقاظ الناس للسحور بهتاف موحد أو متفق عليه.

لكن ومع التطور التكنولوجي، أصبح دور المسحراتي مُنحَصِراً في أماكن معينة، خاصة المناطق الشعبية، التي لا تريد أن تتخلى عن عاداتها وتقاليدها، رافضة مبدأ أن المسحراتي أصبح تطبيقا على الهاتف الذكي أو أن المنبه العادي يقوم بالمهمة، فهنيئا للمتسحرين على سحورهم، ولا يزالون محتفظين بعاداتهم الأصيلة.

تعليق عبر الفيس بوك