تأديب النفس في رمضان

 

 

محمد قنات

 

أدب النفس أمر ليس بالهيّن؛ فالشخص الذي يمكن أن يتحكم في نفسه بصورة كاملة ويمنعها ويصدّها عن شهواتها، بلغ درجة عالية من أدب النفس، فالنفس في كثير من الأحيان تقود الإنسان إلى أفعال قد يراها حميدة ويراها غيره على خلاف ذلك، لذا يجب أن يلجم المرء نفسه عندما تريد الانفلات نحو الشهوات حتى تعود إلى رشدها.

ونحن في حاجة لهذا الأدب بصورة أكبر في هذا الشهر الفضيل حتى نبتعد عن الإسراف والتبذير في الأكل والشرب ونحاول أن نذكر أنفسنا بأنّ الله سبحانه وتعالى يكره المسرفين، كما أنّ الإسراف لا يتماشى مع الأخلاق الفاضلة السمحة التي يدعو لها الإسلام، كما أنّ الإسراف يتنافى مع القيم الإنسانية التي يدعو لها الإسلام، فلا يمكن أن تسرف في أمر وتبذر وغيرك يحتاج أن يسد به احتياجاته.

الإسراف يمكن أن يكون في أشياء كثيرة منها الإسراف في الطعام وعدم تناوله بأن تشتري الأسرة طعاماً يفوق حاجتها ولا تتناوله؛ وفي النهاية يكون مصيره القمامة، ليكون الإسراف في كمية الطعام الفائض وخسارة الأموال التي أنفقت في شراء الطعام، في الوقت الذي يرمى فيه الطعام الزائد عن الحاجة في القمامة هنالك من يتضوّر جوعا ويبحث عن لقمة يسد بها جوعه وجوع أبنائه، فمن باب أولى ألا نسرف في الطعام، وأن نؤدب أنفسنا ونكبح جماحها في شهوة البطن خاصة في شهر رمضان الذي يتطلب منا أن نشعر بما يعانيه الفقراء من جوع وتعب من أجل الحصول على لقمة العيش وأن نمد لهم من الطعام والشراب الذي يعينهم على صيام الشهر الكريم، فبدل أن نسرف في إرضاء أمعائنا يجب أن نهذب سلوكنا وأن "نسرف" في العبادات والطاعات، وهذا "الإسراف الحميد" من باب التقرب إلى الله، فأعمال الخير هدفها التقرّب من المولى عزّ وجل.

إننا مطالبون في رمضان وغير رمضان أن نبتعد عن كل أهواء النفس وأنانيّتها وحبها للامتلاك وإرضاء الرغبات الإنسانية من مأكل ومشرب ومسكن وغيرها من الشهوات، لكن عندما تذهب هذه الشهوات إلى مرحلة العبادات والطاعات قد تصاب بالفتور والكسل، وكل ذلك يرجع إلى النفس التي تحتاج إلى مزيد من الروحانيات والتشبع بالتعاليم السمحة حتى تهذب لتقبل على العبادات مثل إقبالها على ملذّات الدنيا بمختلف صنوفها.

تعليق عبر الفيس بوك