قبسات من فكر سماحة الشيخ أحمد الخليلي (15)

 

  1. الأصل الكتاب والسنة

الواجبُ يحتِّمُ أنْ يكونَ الأصل الذي يُرجَعُ إليه ما دلَّ عليه صريح الكتاب العزيز، والسنَّة الصحيحة..، لا أن يعوَّل على قول أحدٍ بعينه، ويجعل هو مدار الاحتجاج؛ فإن كلًّا يخطئ ويصيب، ولا يجوز اتِّباع أحدٍ بدون دليل، إلا من كان قوله نفسه دليلًا، وهو المحفوف بالعصمة، الذي وصفه العلي الأعلى بقوله: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النَّجم: 3 ـ 4]، أما مَنْ عَدَاه فكل منهم ـ وإن علا قدره، وارتفع شأوه ـ رادٌّ ومردودٌ عليه، وآخذٌ ومأخوذٌ عليه. (الحق الدامغ: ص 149)

 

  1. خُلاصة ما في (الحق الدامغ)

ما في (الحق الدامغ) إنما هو خلاصة للحقِّ الذي دلَّ عليه الكتاب العزيز والسنَّة النبوية ـ على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ـ ، نقلت فيه من آيات الكتاب العزيز، وبينت معانيها التي تفهم بالجمع بين هذه الآيات والرجوع إلى قاموس اللغة العربية التي اختارها الله سبحانه وتعالى لِأَن تكون وعاءً لهذا الكتاب العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. (وسقط القناع: ص 164)

 

  1. خلود المتقين والفجار

عقيدتنا ـ معشر الإباضيَّة ـ أنَّ كُلَّ مَنْ دخل النار من عصاة الموحدين والمشركين مخلَّدون فيها إلى غير أمد، كما أنَّ مَنْ دخل الجنة من عباد الله الأبرار لا يخرجون منها؛ إذ الداران دارا خلود، ووافقَنَا على ذلك المعتزلة والخوارج على اختلاف طوائفهم، وإنما خالَفَنا الخوارج من حيث إنهم يحكمون على كل معصية تؤدي إلى العذاب بالشرك المخرج من الملة، فخالفوا بذلك نصوص الكتاب، والسنَّة، وإجماع الأمة. (الحق الدامغ: ص 185)

 

  1. من مبادئ قتال أهل البغي (1): حرمة غنم أموالهم

الإمام نور الدين السالمي - رحمه الله تعالى - في كتابه (جوهر النظام) عندما تكلَّم في أحكام الجهاد تحدَّث عن أهل البغي، فذكر أنهم ـ ولو قوتلوا ـ لا يحلُّ شيءٌ من أموالهم، وذلك الذي أطبقت عليه جميع كتب الإباضية. (وسقط القناع: ص 60)

 

  1. من مبادئ قتال أهل البغي (2): حرمة الإجهاز على جريحهم

أصحابنا أهل الحق والاستقامة ـ رحمهم الله تعالى ـ لا يرون جواز الإجهاز على الجريح إن كان من أهل البغي، ولم يكن من المشركين، ولا يرون جواز اتباع الهارب منهم، اللهم إلا أن يكون لهم مأرز يرجعون إليه، وحمى يحتمون به، وقوة يلوذون بها. (وسقط القناع: ص 62)

 

 

  1. مضرة المقال تعود على قائلها

لن يضرَّ هجر المقال إلا قائله دون مَنْ قيل فيه، فما الذي ضرَّ المرسلين وأتباعهم مما قيل فيهم من الإفك، ورموا به من التهم، وهذه هي سنة الله في خلقه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: 29 ـ 32].

وإنَّا وما تلقى لنا مِنْ هجاءنا

لَكالبَحرِ مَهما يُلقَ في البَحرِ يَغرَقُ

(الحق الدامغ: ص 21 ـ 22)

 

 

  1. تفاوت الناس في النعيم والبؤس

اقتضت مشيئة الله سبحانه وتعالى أن تكون الحياة في الدار الدنيا حياة محدودة؛ حتى لا يُشارَك الخالق في صفة البقاء، ولم يخالف في ذلك أحد من الناس؛ لأن تناهي الأعمار فيها أمر لا يتفاوت الناس في معرفته، وقد جعلها الله سبحانه وتعالى مرحلة من مراحل العبور التي يجتازها الإنسان، والناس فيها متفاوتون في الراحة والتعب، والنعيم والبؤس، ولا يعود تفاوتهم هذا إلى قدر تفاوتهم في النفع والضر، والاستقامة والانحراف، والطاعة والعصيان، فرُبَّ ذي سريرة طاهرة، وخلق مستقيم، ومسارعة إلى الخير يقضي حياته كلها في نكدٍ وبؤسٍ، ومعاناةٍ وحرمانٍ، ورُبَّ ذي سريرة خبيثة، وشراسة في الأخلاق، وسوء في المعاملة يتسنَّى له ما يريده، وتتوفر له أسباب الراحة، وتجتمع له أنواع الملاذ، وفي هذا ما يجعل الإنسان يعتقد اعتقادًا جازمًا أنَّ النعمة والبؤس في الدنيا ليسا جزاءً على ما يقدِّمه العبد من خير أو شر، مع القطع بأنَّ الناقد بصير، والحاكم عدل؛ فلذلك كانت النفوس تتطلع بفطرتها إلى حياة بعد هذه الحياة، يجني فيها كل عبدٍ ما غرس، ويحصد ما زرع، ويجد ما قدَّم. (الحق الدامغ: ص 181)

 

  1. من مبادئ قتال أهل البغي (3): وجوب إقامة الحجة قبل قتالهم

يحتاط الإباضية أيَّما احتياط عندما يواجهون أعداءهم البغاة، ولا يستحلُّون حتى سفك دمهم إلا بطريق واضح لا غبار عليه بعد أن يقيموا عليهم الحجة، وبعد أن يبدأ أولئك البغاة بالقتال. (وسقط القناع: ص 64)

 

  1. صور من الخلاعة المستترة

اسمح لي ـ أخي القارئ الكريم ـ أن أقول كلمة ـ والألم يعتصر قلبي، والأسف يلهب وجداني ـ: إن مما يضاعف المصيبة ويكثف البلاء أن توجد صُوَرٌ من الخلاعة المستترة، والمجون الساقط مثبتة في تراجم رجال يعدون قممًا في أمة الإسلام، هم أجدر الناس بتجسيد فضائل الدين والتحلي بمثله والاعتزاز بآدابه، وقد ضربت صفحًا عن الإشارة إلى بعض هؤلاء بالأسماء والكنى؛ حرصًا على السلامة من مزالق القول، وصونًا لأعراض المسلمين، وحفاظًا على حرماتهم.

وإنني لأبرأ من إقرار ما نسب إليهم، فإنَّ مبادئنا احترام حرمات جميع المسلمين، خواصهم وعوامهم، فضلًا عن علمائهم الذين زادهم الله حرمة العلم مع حرمة الإسلام، ولكنني أقول: إن نفس الاجتراء على نسبة هذه السفاسف إلى أعلام الأمة إجرام لا يستهان به في حقها وحقهم، لم ينشأ إلا من الاستخفاف بأوامر الله، الناتج عن الاستخفاف بوعيده الذي يتمثل في دعوى أن الموحد لا يعذَّب، وإن عُذِّب لم يخلد في العذاب. ولست أنسى ما قاله لي الداعية الكبير العلامة المنصف الشيخ عبد المعز عبد الستار: «لو أنَّ الأمة أخذت بعقيدتكم في خلود صاحب الكبيرة في العذاب؛ لكان لها شأن في الصلاح والاستقامة والنزاهة والعفاف غير ما نراها عليه». (الحق الدامغ: ص 219 ـ 220)

 

  1.  موقف الإباضية من سائر الأمة

الإمام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى يحدِّد لنا موقف الإباضية من سائر الأمة بقوله:

ونحن لا نطالب العبادا

فوق شهادتيهم اعتقادا

فمن أتى بالجملتين قلنا

إخواننا وبالحقوق قمنا

إلا إذا ما نقضوا المقالا

واعتقدوا في دينهم ضلالا

قمنا نبين الصواب لهم

ونحسبن ذلك من حقهم

فما رأيته من التحرير

في كتب التوحيد والتقرير

رد مسائل وحل شبه

جاء بها من ضل للمنتبه

قمنا نردها ونبدي الحقا

بجهدنا كي لا يضل الخلقا

لو سكتوا عنا سكتنا عنهم

ونكتفي منهم بأن يسلموا

(الحق الدامغ: ص 11)

تعليق عبر الفيس بوك