راحوا الطيبين..

 

 

عائض الأحمد 

 

 

زمن الطيبين.. كثيرًا ما نتغنى ونردد زمن الطيبين هل هذا يعني أننا نعيش زمن الأشرار المُنفلتين الخارجين على الذوق والأدب أم أنّها مقولة يرددها الكبار حسرة على أيام الصبا والشباب والصحة في العقل والقوه في البدن.

اعتقد بأنّ البعض يذهب مجبرا إلى زمن الطيبين دون أن يشعر علما بأنّه لم يعشه ولم يتذوق جماله حاضرا بذكرى يرددها من حوله.

 

من يشاهد هذا البون الشاسع بين الجيلين يدرك هذه الصدمة الحضارية وسوء التعامل معها ويدرك بأنّ الحنين للماضي أجمل وأكثر متعة ليس لسوئها بل لسوء من يتعامل معها ويتعاطها بوجهها الآخر الأكثر قبحا.

 في أيامٍ مضت كنت تحاسب نفسك وتلومها وتعصر أفكارك عصرا قبل أن تخرج الكلمة أدبا واحتراما لمن يجالسك وخوفا من الخطأ دون قصدٍ منك.

 كنا ننصت مستمعين مستمتعين بمن نجالسهم كانت الآداب العامة لها (قدسية) احتراما وقيودا تمنع متجاوزيها وتنبذهم إن فعلوا.

 

الكلمة لم يعد لها قيمة الجميع لديه منبر يتحدث فيه يشتم هذا وينتقص من ذاك خلف معرف وهمي واسم هو الوهم بعينه دون حسيب أو رقيب.

أخلاقك فقط هي من يقبل ويرفض ولك الحرية فأنت المقرر.

الآن وما أدراك ما فعل الزمان

رجالُ ليس لهم قدر يصان

عفا الله عنهم كيف عاشوا يخالجهم شعور اليتم والإحساس بالغربة في حضرة محبيهم وأهلهم وذويهم وكأنّي بهم غيم يسير بغير هدى لا يعلم أي أرض ترتوي من مائه أو أي سماء تصبر على حمله.

 

هل أصبحت الشتائم ميزة هذا الجيل؟

 أمثالي لم يعد يعرف هزلهم أو جدهم ففي الحالتين تسمع نفس الكلمات.

وتستقبل ذات الضحكات حكمة القدر أن اجتمعوا أحاديثهم قشور ليس بها ما يرضي.

الصد عنها نعمة وتجاهلها كرما يحفظ ماء الوجه.

هذا ليس حكما نقطع به اليقين فلولا اختلاف مشارب الناس لكانوا على هئية واحدة فمن رحمته وجودك بكل ما فيك.

كما ورد في الحديث الشريف (لولا أنّكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم).

 

ومضة:

لو كنت مكانك ربما أفعل أسوأ مما تفعله الآن.