وصل دوري عُمانتل إلى مراحل الحسم الأخيرة؛ حيث يحتدم الصراع وبقوة في قاع ترتيب الجدول من أجل البقاء، فيما تعيش مراكز المقدمة حالة من السُّبات، بعد أن حسم الزعيم اللقب قبل 5 جولات من النهاية، ويستقر بعضها في منطقة آمنة نسبيا، وتسبح أخرى في المنطقة الدافئة بنسب متفاوتة، ومع ذلك فهي ليست عن التهديد بالهبوط ببعيد.
وتعيش أندية عمان والشباب وصور ومجيس في دوامة الهبوط، وهنا يبدو الصراع مريرًا على المستطيل الأخضر، وهناك قلق من أن ينتقل في مراحل لاحقة أسفل طاولة التفاوض في صفقات سرية على مستوى الأندية والأفراد، وللأسف الشديد في سيناريو متكرر كل موسم، تستفيد منه خفافيش الظلام بكرة القدم العمانية، ممن ينشطون خلال هذه الفترة من الموسم؛ لتنظيم مثل هذه الصفقات المشبوهة، ومحاولة تحقيق مكاسب شخصية آنية تثري الجيوب. هي سُوق تباع فيه الأخلاقيات والمُثل العليا في كرة القدم "بثمن بخس دراهم معدودة"، وأخرى من تَقع تحت بند المجاملة دون أن يلتفتَ كل هؤلاء إلى الأضرار الكبيرة التي ستلحق بالأندية المتضررة، والتي غالبا عندما تسقط لدوري الدرجة الأولى فإنَّ سقوطها يكون مروِّعا ونهوضها يحتاج إلى جراحات.
ويقفُ اتحاد الكرة عاجزًا عن إيجاد حلول ناجعة لمثل هذه الظاهرة التي تنتشر في غالبية دوريات العالم، لكنها بنسب متفاوتة؛ إذ إنَّ الكثير من الاتحادات الكروية المحلية والقارية والدولية وضعتْ آليات وعقوبات صارمة جدًّا ترقى إلى إخضاع النادي المتلاعب في التحكيم، ومن ثمَّ هبوطه إلى الدرجة الأدنى، هذا عدا الغرامة المالية والتوقيفات التي تصل لمدى الحياة أحيانا بالنسبة للأفراد. وكنت أتمنى أن يُبادر اتحاد الكرة للاستفادة من تجارب هذه الاتحادات، وكيف نجحت في الحد من مثل هذه التجاوزات والتلاعب بنتائج المباريات؛ كونه يمتلك شبكة علاقات واسعة مع الاتحادات القارية والمحلية.
كذلك على الأندية المتضررة أن تسلك درجات سُلم التقاضي من أدناها بداية باللجان القانونية المحلية باتحاد الكرة، ومن ثم القارية وصولا للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وعلى اتحاد الكرة أن يدعم وبقوة قضايا هذه الأندية. وقبل كل هذا، فإن "الوقاية خير من العلاج"؛ وذلك بغرس قيم التنافس الشريف والقوي والنظيف لدى الناشئة لتجنيبهم الوقوع في براثن مثل هذه القاذورات أجلَّكم الله، كذلك الاستعانة بمراقبين ومتخصصين لمتابعة الجولات الأخيرة، ورصد هذه التلاعبات وتوثيقها، ومن ثم إنزال أقصى درجات العقوبة على المتسببين كالغرامة الكبيرة وإنزال النادي للدرجة الأدنى، وتوقيف الأفراد المتلاعبين مدى الحياة، والتشهير بهم ليكونوا عبرة، عدا ذلك فإن مسلسل التلاعب سيستمر والحقوق ستهدر.
وبالمناسبة.. الموسم الماضي شكَّل اتحاد الكرة لجنة لتقصي حقائق التلاعب بالدوري، وبعد أسبوع ألغاها، وشكَّل أخرى على أنقاضها بعد تدخل خفافيش الظلام، وحتى كتابة هذه السطور ما سمعنا عنها شيئًا.. عن "تشابك وتقاطع المصالح، أتحدث"!