المعتصم البوسعيدي
في حاضِرنا الرياضي الصعب تمرُ علينا بوارقَ الأمل بين فترةً وأخرى، لكنها ما تلبثُ حتى تمضي كأحلامٌ ورديةٌ تُدغدغ المشاعر دون أن تُحرِكها، وتُلامس الروح دون أن تُوقظها، وعلى هذا سأتوقفُ عند بعضِها لنُثيرَ في النفسِ تساؤلاتٌ شتى؛ والسؤال أيُها الأعزاء- كما يُقال- نصف الحقيقة إن لم يكن كُلها!!
لعلَّ أكبر النجوم التي لاحت في فضائنا مؤخراً كان خبرَ إمكانية استضافتِنا لبعضِ مجموعاتِ مونديال كأس العالم 2022 حسب مقترحٌ حملَ نبأهُ رئيس الفيفا جياني إنفانتينو، والذي طافَ وجالَ بهِ بين السلطنة والكويت وقطر المستضيفة للمونديال؛ حيثُ سالَ الحبرَ من منابِعهِ وتواردت الرؤى وتصورات المكاسِب بصنوفٍ متنوعةً من الطموحاتِ والتأويلات، حتى تبددَ الضوء وأنسل نوره مهزوماً للعتمةِ بعد الحديث عن عدم استعدادِنا لاستضافةِ هذا الحدث العالمي الكبير، فابتعدَ النجم ومضى الحلم وردياً أشبه بالسرابِ الذي يقودنا إلى وهم واحةً غناء بعد اللُهاثِ الطويل!!
لا زالَ يلوحُ في البالِ ذاكَ النجمُ السعيد المتلألئ من الأكاديميةِ الرياضيةِ ومركزِ التدريب بالجبلِ الأخضر، وما كادَ يُنير الأرض حتى خفتَ بريقه وانطفأ، وما أظنه يُعاودُ الاشتعال طالما "التعللُ كثيرُ"، فمضى النجم كحلمٍ صعب التحقيق في واقعِنا المُتخم بالتبريرِ وقِصر اليدِ والحيلة، وأغنيةً المسؤولية تُردد ترنيمةً شعبيةً- تسويفية -شهيرة: "يا حمامة نودي نودي.. سلميلي على سعَّودي.. سعَّودي راح مكة.. إيجيب ثوب العكة.. ويحطه في صندوقي.. صندوقي ماله مفتاح.. والمفتاح عند الحداد.. والحداد يبي فلوس.. والفلوس عند العروس.. والعروس تبي رجل.. والرجل يبي أولاد.. والأولاد يبون حليب.. والحليب عند البقر.. والبقر يبو حشيش.. والحشيش يبي مطر.. والمطر من عند الله.."!!
من النجومِ التي لمعت في سماواتِنا يوماً، وسريعاً مضت كحلم، طلب استضافتنا لتنظيم أمم آسيا 2019م والتي فازت الإمارات العربية المتحدة بحقِ تنظيمها، بل ونظمتها مع بداية العام كما نعلم، فلماذا أنغلقَ ملف الاستضافةِ في مهدهِ، ولماذا نحن لا ننظم بطولات بهذا الحجم، ولماذا ولماذا ولماذا؟!! وعلى ذات الأسئلة وهذا البريق الزائف لاحت المدينة الرياضية بما تعنيه المدينة الرياضية المُتكاملة، ومضى بريق نجمِها وسيمضي غيره كحلمٍ يليه يقظةً موجعةً تشعرنا بالألمِ والغصة!!
المسألة ليست مُقاربة فقط؛ إنما هي الحقيقة- حسب اعتقادي- التي تدلُ عليها مشاهد عديدة من الذاكرةِ القريبةِ والبعيدةِ في آن، ونحنُ للأسف لا نستثمر ذلك ولا نتعلم من الدرس، ونعلق آمالنا على أحلامٍ ليس لها قرار، والنتيجة: بحر، شاطئ، وكرسي نستمتع فيه بسماءٍ متلألئةٍ ورِمال ذهبية، لكنها ليست سماءَ ولا رِمال هذا الوطن الغالي، بالرغم من أننا نمتلك كل الجمال ومقوماته.