ربما تعود

 

عائض الأحمد 

 

كلنا نعلم ما فعله المستعمر في العديد من قارات العالم وعلى وجه الخصوص القارة الأفريقية وكيف كان يتم نقل البشر عنوة دون إرادتهم وأخذهم بالقوة من منازلهم وعلى مشهد من أهلهم وذويهم مُكبلين بالسلاسل والأغلال ونقلهم إلى أوروبا وأمريكا ثم انتهاك حقوقهم وإنسانيتهم وجعلهم عمالا 

ومستخدمين دون وجه حق أو شرف مواطنة قد تمنح لهم أو أدنى من ذلك أو أكثر بل لم يكن يؤذن لهم بالجلوس في حضرة أسيادهم (كما يعتقدون) إن صح القول دون ذنب لهم غير فقرهم وحاجتهم للعيش بكرامة على الكفاف إن توفر ليس أكثر.. ولكن القوة والمال جعلت منهم درجة ثانية وثالثة لا تعرف غير العمل ثم العمل عند ذلك السيد الذي يملك الجاه والمال والحق في منح هذا والصد عن ذاك.

 

هذه المُقدمة ليست لسرد أسود أو ماضٍ طوته صفحات التاريخ وإنما لحاضر ليس أقل منه بشاعة بل قد يساويه أو يتجاوزه في مواطن أخرى.

 ولكنه الآن يأخذ الشكل (المودرن) بطريقة أكثر تنظيماً وحداثة ليوافق عصرا جديدا يختلف فيه السيد عن الغلام.

والجارية عن صاحبة الشأن على طريقة المال يتحدث بدون لسان وسطوته واضحة لمن له عينان وليس له غير السمع والطاعة والإذعان أمرك سيدي فبدون المال أنت لا شيء.

نتعلم ونغالب الحياة يومًا بعد يوم نذهب ثم نعود محملين بهموم مستقبل نخطط له ونرسم خطوطه العريضة والدقيقة من أجل ماذا؟

أن تصبح يوما ملتزما بنظام عمل يُحاسبك على كل سكناتك وساعات فرحك وقد يثور عليك في أوقات أحزانك فهي لا تعنيه هو.. اشترى جهدك وترك لك أحوالك الشخصية تُديرها بعيدا عنه .

 

يقول أحدهم أين الفرق بين هذه وتلك فإن لم تكن تلك أكثر رحمة فإنّ هذا عذاب مقيم لن يطيقه غير من اعتاد عليه بحجة العصر ومتطلبات الحضارة الزائفة.

ربما أجبرت يومًا أن تحترم هذا أو ذاك لمجرد تراتيبية وظيفية، علما بأنه لايستحق ولكنه قانون العمل وضريبة الأجير لدى من لا يُقدر إنسانيته قبل أن يرفض تصرفه.

 الكثير يتألم ويشتكي مر الشكوى من تلك الشخصية المستبدة في أحكامها ولكنه مجبر على التعامل معها لاقترانها بأسلوب حياة خطه الكثير منّا لنفسه وسار عليه ولن يستطيع الخلاص منه فهو يوازي عبودية حب المال وجمال كمالها في تواجده.

أن تعيش حراً تملك القرار وتحدد مساره في زمن الفرد الباحث عن جماعة تقوده فقد بلغت ذروة الحرية

 في رحلة عودة البعض لأيام جاهلية.

 

يتساءل أحدهم

هل بعد الستين فسحة أمل؟ 

 

ومضة:

المتعة ليست فيما تملكه من أشياء ثمينة فقد تجدها في يد محتاج يطلبك رغيف لسد حاجته.