ترجمة- رنا عبدالحكيم
انتفضت فرنسا في أعقاب الدمار الذي لحق بكاتدرائية نوتردام التي التهت النيران أجزاءً كبيرة منها، ووصف مسؤولون الحادث بأنه "جحيم أحدث دمارا جزئيا في رمز الأمة"، بينما بدأت التبرعات تتدفق تزامنا مع شروع السلطات في تقييم الأضرار.
وذكر تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" أن الحريق الهائل تسبب في تغيير ملامح هذا المبنى الأثري، بعدما كان يمكن رؤية النوافذ الوردية للكاتدرائية والتي يعود تاريخ تصميمها إلى قرون مضت، وكذلك رؤية التماثيل المنحوتة بارزة للجميع، لم يعد المشهد كذلك الآن.. فالخراب يلقي بظلاله القاتمة على المكان، وتبدو آثار وبقع الدخان على الجدران واضحة من إطارات النوافذ الدائرية، التي كانت ملونة قبل الحريق.
وقال وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز في تصريح له: "من الضروري الآن فحص الهيكل الحجري للكاتدرائية، لتحديد ما إذا كان المبنى مستقرًا".
وبُنيت الكاتدرائية على الطراز المعماري القوطي على مدار قرون، بينما تعرضت للدمار الجزئي خلال ساعات فقط، فيما وقف الآلاف من سكان باريس على ضفاف نهر السين، وهم ينشدون التراتيل الإنجيلية، ويذرفون الدمع على ما حدث؛ فالكنيسة لا تمثل فقط قلب باريس النابض، أو فرنسا، بل هي رمز الصمود وانتصار البشرية منذ 8 قرون.
وتحدث وزير الثقافة الفرنسي فرانك ريستر إلى الإذاعة الفرنسية، قائلا إن الكثير من الأعمال الفنية النفيسة داخل الكاتدرائية قد تم إنقاذها، كما إن المبنى الحجري لنوتردام نجا من الحريق. وأكد ريستر التقارير الأولية التي قالت إن رجال الإطفاء تمكنوا من إنقاذ الأثر الأكثر قداسة وهو سترة خاصة بالقديس لويس، الذي كان ملكا على فرنسا في القرن الثالث عشر من الميلاد، وكذلك "إكليل الشوك" الذي كان يرتديه المسيح عيسى، وفقا لبعض المزاعم. وهذه المقتنيات محفوظة الآن في موقع آمن بقصر بلدية باريس. ويعوض الفضل في إنقاذ تلك الآثار إلى العمل البطولي لرجال الأطفاء.
وقال آندريه فينوت المتحدث باسم الكاتدرائية إن من المرجح أن تكون نوافذ الزجاج الملون الأثمن في الكاتدرائية سليمة ولم يصبها أذى، مشيرا إلى أنها مجموعة متنوعة يرجع تاريخها إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر، معتبرا أن نجاة هذه النوافذ الزجاجية سليمة "أشبه بالمعجزة".
وتحدث الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الشعب الفرنسي وقال إنه تم تجنب الأسوأ، وأن الهيكل الخارجي قد تم الحفاظ عليه، وأن الكاتدرائية سيتم إعادة بنائها. وتعهد قائلاً: "أقول لكم... سنعيد بناء هذه الكاتدرائية... إن نوتردام هي تاريخنا". وشدد ماكرون على المكانة الفريدة للهيكل في الوجدان الفرنسي. وأضاف: "(الكاتدرائية) بؤرة حياتنا وتضم العديد من الكتب واللوحات التي تخص جميع الرجال والنساء في فرنسا، حتى أولئك الذين لم يصلوا إلى عالمنا قط".
ويخطط المسؤولون الفرنسيون لإطلاق حملة تبرعات وطنية لتغيطة نفقات إعادة الإعمار. وأعلن الملياردير الفرنسي فرانسوا هنري بينولت أن عائلته ستكرس حوالي 113 مليون دولار للإسهام في إعادة البناء. وبعد عدة ساعات أعلنت عائلة برنارد آرنو وهو أغنى رجل في أوروبا عن تقديم هدية بقيمة 226 مليون دولار.
من جهتها، طرحت عمدة باريس آن هيدالجو، فكرة إقامة "مؤتمر المانحين الدوليين" لحشد المتبرعين وخبراء الترميم في باريس.