عائض الأحمد
كل عام نسمع ونترقَّب ونتابع ردود الأفعال حول تلك الكذبة العالمية، التى تُصادف شهر أبريل من كل عام، ولا يخفى على الكثيرين أصلَ هذا اليوم؛ حيث بدأت في أوروبا مُوافقة عيد الميلاد عندما كان يبدأ في الواحد والعشرين من مارس وينتهي في الٲول من شهر أبريل، وبعد إقرار تعديل التقويم ليبدأ بشهر يناير كان كل من يحتفل بالعام الميلادي في أبريل يسخرون منه، ويطلقون عليها "كذبة أبريل" لعدم تصديقهم أنَّ هناك من ظل ملتزما بعادته القديمة.
هذا شأنهم، ولكن ما شأن ذلك العبد الصالح الذي يحرصُ على أن يُشاركهم الكذب كل أيام السنة؟ معتقدا أنه لا يكذب ٳلا بالصُّدفة في هذا اليوم العالمي الذي نتقبل فيه تلك الكذبة؛ سواء من قنوات فضائية، أو برامج تليفزيونية، أو نشرات أخبار، مرورا بشركات الٳعلان، وكأنها الكذبة الأولى في كل عام.
صديقي العزيز، دعنا نتفق على أنك تكذب اثني عشر شهرًا في السنة، وأربعا وعشرين ساعة في اليوم، ولكن هل تعلم فنحن ننتظرك فقط في هذا اليوم ليقين يُخالجنا بأنه اليوم الوحيد الذي تتخلى فيه عن شخصيتك المعتادة، وتظهر لنا صِدق حديثك بهذه المناسبة، ونحن نصغي لك باهتمام، قبل أن يفاجئك أحدهم بأنه من صنع هذا اليوم "الشهير"، ويبتسم الحاضرون ونشكرك على هذه "الدعابة".
لديَّ ما يشبه الحيرة المقرونة بتساؤل: هل من حقك أن تستبيح كل ٲيام السنة، بفصولها الٲربعة، ليلها ونهارها، لتُمطرنا بوابل كذبٍ، ثم تستدرك وتتذكر هذا اليوم فتجعله يوما للكذب، وكأنِّي بحال الصادق الصدوق يقول حتى يوم الكذب الذي جعلته مُتنفسا لحديث صدق تميزت به سلوكا وعملا.. سُلب مني عنوة ولم يعد لي مكان أو مجلس فيه!!! أين المفر؟! (محسودا حتى على كذبي)!!!!
مُشكلتنا معك ليست متى تكذب، ولا أين وفي ٲى وقت، ولكن المريب أن هناك من يصدقك ويبنى خيالًا يعلم نهايته متعمدا كل هذا الجهل.
--------------------------
ومضة:
عندما نتجاهل حديثك... فلا تعتقد بتجاهل أفعالك
الحديث يذهب.. والأفعال تبقي شاهدا لنا وعلينا.