ومضات فكرية من كتابات حاتم الطائي (58)

 

تساؤلات مشروعة:
(1)     لا أعلم حقيقة بماذا ظن ترامب نفسه فاعلا عندما "منح" دون وجه حق الجولان لإسرائيل بهكذا قرار؟!

(2)     جميع الدول العربية أدانت واستنكرت وعبرت عن رفضها للقرارات الأمريكية كلها، سواء فيما يتعلق بالقدس المحتلة أو الجولان المحتل، لكن ما من رد فعل خرج عن نطاق التصريحات والبيانات المطبوعة؟!

(3)     ما الذي يحول دون موقف عربي موحد في مثل هذه القضايا، نملك أدوات عديدة للضغط الاقتصادي والسياسي على الغرب، ولدينا قوى ناعمة قادرة على التأثير في المشهد؟
 
(4)     ما المانع من إعلان بيان عربي موحد يتم فيه تجديد الالتزام بمقررات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة وأهمها القرار رقم 242 الذي يُلزم إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في عام 1967.

(5)     لم نجد- حتى اللحظة- أية منفعة أو مكسبا لصالح القضايا العربية، بل إنّ جميع ما اتُخذ من إجراءات وقرارات لا تدعم سوى تجذير المحتل في الأراضي العربية دون وجه حق. فبعد قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، صدر قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في استهزاء كامل بالمواثيق والاتفاقيات التي وقعتها حتى إسرائيل، وبما يعكس ضربًا بقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط، فعن أي خطة سلام نتحدث؟ إنّها بلا شك سلام من المفهوم الإسرائيلي الذي يدفع المحتل إلى هدم بيتٍ بالكامل على أهله نتيجة الظن باختباء شاب فلسطيني مقاوم لهذا المحتل المغتصب لأرضه.. إنّه السلام الذي يمنح إسرائيل بالباطل الحق في شن غارات جوية على قطاع غزة أو التخطيط لاجتياح بري إذا ما سقط صاروخ في أرض فضاء والادعاء بأنّه هجوم من الفلسطينيين. هو السلام الذي يتيح للاحتلال أن يواجه الشباب المتظاهر بصدور عارية وبشجاعة منقطعة النظير، بالرصاص الحي والقناصة!

ترامب هدية للمحتل الإسرائيلي
(1)     "صفقة القرن" تستلهم فكر التجّار بدلا من رؤى الدبلوماسيين والسياسيين وهي تسمية هلامية وحتى الآن لم تتضح معالمها، حتى إنّ الإدارة الأمريكية نفسها ربما لا تدرك جيدا حقيقة وطبيعة هذه الصفقة. فمفهوم الصفقة يعني أنّ هناك طرفين مستفيدين وأن كليهما سيدفع ثمنا أو يقدم "بضاعة" مقابل ما يعادلها في القيمة والمنافع التي ستعود عليهما.

(2)     أندهشُ بشدة من الانحياز الأمريكي الفاضح تجاه إسرائيل منذ أن تولى الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الحكم في بلاده؛ حيث يتعمّد في خطوة تلو الأخرى أن يهدم الثوابت المتفق عليها في قضايا الشرق الأوسط؛ وعلى رأسها القضية الفلسطينية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وكأنّ الرئيس ترامب لا يرى سوى دولة الاحتلال طرفا ليدعمه ويتخذ قرارات مصيرية تصب في صالح المحتل فقط، بدلا من اتخاذ قرارات تخدم عملية السلام في الشرق الأوسط، أو على أقل تقدير منع الاحتلال من التمادي في غيه الاستعماري وتدنيسه للمقدسات الدينية.

(3)     عندما نتتبع أفكار ترامب ورؤيته للعالم ولأمريكا، فإنّه لا يمارس سوى عدوان مباشر على النظام العالمي والأمم المتحدة، بل إنّه مزّق القرار رقم 242 الصادر عن مجلس الأمن في أعقاب عدوان 1967، وأهال التراب على جميع القرارات المشابهة من المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى. ترامب قدم هدية غير مسبوقة للمحتل الإسرائيلي، تزامنت مع الاجتماعات السنوية للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة التي تنعقد تحت مسمى اجتماع لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "أيباك"، وقبل فترة وجيزة من انتخابات عامة في إسرائيل ستحدد من يجلس على كرسي رئيس الوزراء. بعبارة أخرى، قرار الجولان يخدم الداخل الأمريكي ويمنح ترامب مزيدا من التأييد من جانب اللوبي الأشد تأثيرا في ثالوث الإعلام والسياسة والاقتصاد، ويخدم أيضا موقف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.


تشــــــاؤل:
(1)     إنني لم أفقد مطلقا الأمل في أيٍ من القضايا العربية، رغم الإحباطات المتكررة، لديّ إيمان عميق بأنّ السلام هو الذي سيسود في نهاية المطاف، وأنّ الحل السلمي سيظل الخيار الاستراتيجي للعرب،
 
(2)     لكن السلام يحتاج إلى قوة تدعمه، قوة دبلوماسية تتفاوض من أجل المصالح المشتركة، من أجل إزالة المخاطر عن منطقة الشرق الأوسط، لغة الإرهاب لم تعد تحتكم إلى التطرف الديني، بل تحولت إلى التعصب العرقي، الإرهاب العنصري أشد فتكا من الإرهاب المستند زورا إلى الأديان.


(3)     على العرب أن يتحدوا في مواقفهم، وأن يدركوا حجم التحدي الذي هم مقبلون عليه، فالأمر لم يعد تجميدا لقضية العرب الأولى في أقبية الدبلوماسية الغربية، بل إنّ وعد بلفور يتكرر بصورة أسوأ وأشد مأساوية، وإذا ما ظلّ الصمت العربي هكذا، فسنقول كل يوم "ما أشبه الليلة بالبارحة"!!

 

تعليق عبر الفيس بوك