الأولمبياد الخاص.. قبلة الحياة

المعتصم البوسعيدي

عندما أرادَ نزار قباني أن يُعبرَ عن قيمةِ الجمال في قصيدتهِ الموسومةِ "إلى تلميذة" قال: " فإذا وقفتُ أمام حُسنك صامتاً/ فالصمتُ في حَرَم الجمال جمالُ. كَلِماتُنا في الحُبِّ تقتلُ حُبَنَا/ إنّ الحروف تموتُ حين تُقال" ذلكم نزارٌ وتلكُمُ دهشته، أما دهشتنا فقد رأت الجمالَ الذي لا يوصف، والفخرَ الذي لا توفيه الكلمات؛ حيثُ أبطال الذهبِ العالمي يرسمون أروع لوحةً في تاريخِ الرياضةِ العُمانية، حتى وإن لم تمنحهُم بقعةِ الضوء الهائلة البريق المُستحق، على أن التقصير ملاءمةَ النفس قبل أي نفس أخرى.

لا زلتُ أذكرُ صيف 2018م عندما نالَ قلمي شرف كتابة مقال عن البطل محمد المشايخي، حينها شبهتُ انتصاره بالهزيمة؛ كنايةً على قلةِ الدعم والمساندة، واليوم فإن حروفي حائرةٌ مع علمِها المُسبق بالواقع الذي نعيشه، فمن يُطلَقَ عليهم أولمبياد خاص نتيجة قدر رباني على أجسادِهم هم من يُعلِمون الصحيح حقيقته، والسلبي إيجابيته، والمسوف قدرته، ويوضحّون للمتحججِ مآلِ وهنهِ ونتيجته. هم الروح المُحلِقةِ بالإرادة، والسامقةِ بالإبداع، والحاملةِ للواءِ الوطن المُرفرف ليس كمشاركةً "لا تسمن ولا تغني من جوع"؛ بل معدناً نفيساً خالصاُ من العيارِ العالمي الممزوجِ بتبرِ هذا الوطن العزيز.

يقفُ الأولمبياد الخاص العُماني ليُشعلَ ــ رُبما ــ القلوب المُظلمة التي لا ترى في الرياضةِ إلا التسليةِ والترفيه، يقفُ الأولمبياد الخاص العُماني ليُرسِلَ ــ للداخلِ قبل الخارج ــ قُبلةَ الحياة التي تنبعثُ من أبطالِنا الضاحكين على وصفِ الإنسانُ للإنسان بالأصحاء وهم ــ أي الأصحاء ــ يقطنونَ بملءِ إرادتهم ظُلمةَ المكان بحجة "روح بعيد وتعال سالم" وأن "القناعة كنزٌ لا يفنى" دون أن يعلموا بأن القناعة ليست الانزواء دون اتخاذ أسباب الطموحات الكبيرة التي تُحققها الهِممِ العالية.

من هناك.. من الجارةِ أبوظبي وبكل اللطف الناعم يعزف أبطال الأولمبياد الخاص العُماني أروع الألحان، ويطلبون المساندةَ وهم الحبل المتين الذي لا ينقطع، وطوق النجاةِ لسفينةٍ غرقى، هم من يسانِدوننا من حيثِ لا يحتسبون، فمن يدرك من أيها الرائعون؛ فأنتم السابقون من تجتر لهم الأحلام كقدوة للبذلِ والعطاء، ومن يقِف معكم لا شك أنه من ثوب نقائكم نال البركة، ومن رحيق إنجازاتكم لهم رفرفةً "تُذكر فتشكر". أيها الرائعون.. على جبينكم تستحقون قُبلة الفخرِ والاعتزاز، وعسى أن يكون لكم من حظوةِ مستديرة الأصحاء نصيبٌ يساويها.