أبجدية امرأة في الحب إلى رجل يقرأني الآن


فؤاد المحنبي | اليمن
النبوة والشعر، الأنبياء والشعراء، هما _لا سواهما _ المهنتان اللتان يختلف الناس حولهما بين متبع ومكذب، بين محبٍ وقالٍ ، بين محالفٍ ومعارض، الأنبياء والشعراء سورتان من سور كتاب الله الكريم اللتان اصطفاهما الله تعالى ليختارهما بهذا التشريف في سور القرآن من بين جميع المهن، هذا بحد ذاته يضع على عاتق الشعراء مسؤلية عظمى في قول الحق والانتصار للحق والخير والجمال لأن الشعر كلام متبع وقد ذم الله تعالى الشعراء المغوين الذين يتبعهم الغاوون ليكون في ذلك إشادة بالشعراء الهادين الذين يتبعهم المهتدون، الأنبياء يتلقون وحيهم من السماء وقد اصطفاهم الله تعالى من بين بعض ذكور الخلق، ليصدعوا بالحق لا بسوا.
 وإذا كان المولى عز وجل هو من علم الأنبياء ما لم يكونوا يعلمون (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) فهو تعالى الذي علم الشعر من يشاء ويختار من ذكور خلقه وإناثهم أيضا، قال الله تعالى (وما علمناه الشعر) أي أن الشعر أمر يعلمه الله تعالى من يشاء ويختار ولم يقل جل شأنه (وما علمناه الكهانة) ولم يقل (وما علمناه السحر) فجعل للشعر شأنا رفيعا يُتَعلَم من لدنه وحده جل جلاله وجعل لأولئك الشعراء رسالة النصر والانتصار للحق والخير والجمال بوحي منه تعالى بروح القدس، وجعل للشعراء المغوين وحيا سفليا تتنزل عليهم الشياطين فيوحون إليهم برسالة الباطل والشر والقبح يناصرونها فيغوون بها من يتبعهم، قال تعالى ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
واليوم وعلى حاشية واحدة من زياراتي لأستاذ ودكتور الأجيال العربية من الأدباء والشعراء الدكتور عبد العزيز المقالح، حالفني الحظ بلقاء الشاعرة المبدعة أحلام الدميني، أخافني حجم ديوانها أبجدية امرأة في الحب إلى رجل يقرأني الآن، الطبعة الأولى 2018م.
الخوف جاء من تعودنا على حجم المنشور والمطبوع الذي تراه كبيرا في حجمه وصغيرا في معناه، ولكنني أعترف بقدرة الشاعرة أحلام على الأسر والإدهاش لقارئيها من أول كلمة في العنوان، وقد قلت لها:
- هناك  خبر سيء سيسعدك، ديوانكِ الذي بين يدي أصبحت كل أوراقه تقريبا معطّفة، لأنني قررت أن أثني طرف الصفحة حين تسحرني القصيدة. وخلعتُ ضرس العقل.. في آخر صفحة من ديوانكِ.. أكيد كان يستحق أكثر من الخلع.
عندما تكتب هذه الشاعرة تحس بالفعل أنها تعيد أبجدية الحرف وتهتم بإعادة صياغة تراكيب المعنى بتدفق ساحر وعجيب، لا يصدر إلا من متمكنة باللغة والصورة والموسيقى، أدهشني أيضا قدرتها المذهلة على صياغة ما لا يمكن التجول في ثناياه شعرا لتصبه في قالب من الجمال، بكل صراحة أحس بشيء من الفخر والأمل في شاعرات اليمن حين تكون فيهن أحلام الدميني، أو يكون في مكتباتنا إبداع مواز لأحلام الدميني.
.
.

 

تعليق عبر الفيس بوك