التعلم الرقمي في خطة تكنولوجيا التعليم

 

 

عمرو عبد العظيم

 

تناولنا في مقالٍ سابقٍ موضوع التخطيط لتوظيف تكنولوجيا التعليم بعد القيام بدراسة مقارنة بين الخطة الوطنية لتكنولوجيا التعليم في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وما يقابلها في سلطنة عُمان، حيث تضمّنت خمسة محاور رئيسية شملت التعلم والتدريس والقيادة والتقويم والبنية التحتية، فالخطة الأمريكية الفيدرالية لتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عملية التعليم والتعلم تبدأ بأول محاورها المتمثل في تمكين ومشاركة التعلم من خلال التكنولوجيا، بهدف تقديم خبرات تعلم جاذبة وممكنة من خلال بيئات رسمية وغير رسمية للمتعلمين وإعدادهم ليكونوا نشطين وخلاقين نحو المعرفة وذلك بمشاركتهم في مجتمع التعلم المتصل بشبكة الانترنت وتمّ عمل استبانة إلكترونية لقياس محور التعلم في السلطنة، حيث يهدف محور التعلم إلى تمكين المتعلمين من المنافسة ومواكبة التطور لذلك يجب على المدارس أن تنسج من الخبرات الكثير للمتعلمين وأهمها الكفايات المتعلقة بالقرن الحادي والعشرين كقدرتهم على تطوير كفايات التفكير الناقد وحل المشكلات والتعاون، وتطوير كفايات التعلم المستند إلى التعاقد مع المتعلم في تمكينه من بناء تعلمه، حيث نتناول بعض المنطلقات للمقارنة والتي يمكن من خلالها رسم تلك الملامح وهي كالاتي:

أولًا، بناء الكفايات غير المعرفية وتوفير فرص الممارسة: أوردت الخطة الأمريكية أهمية إكساب المتعلمين كفايات غير تلك التي تستهدف المعرفة مثل (التنظيم الانفعالي، والوعي الذاتي والاجتماعي، والتعاطف، والتعاون، والقدرة على حل المشكلات)، من خلال توظيف التكنولوجيا والوسائط المتنوعة كالألعاب التعليمية والتجارب التفاعلية والقصص الرقمية، ومن تلك المنطلقات نتناول كيف عمدت السلطنة متمثلةً في وزارة التربية والتعليم في تطوير المنظومة التعليمية لمواكبة التطورات الحديثة في عملية التعليم والتعلم فقد قامت بالتعاون مع بيت خبرة (جامعة كامبريدج البريطانية) في تطوير مناهج العلوم والرياضيات باستخدام السلاسل العالمية والتي تهدف لتمكين المتعلمين من مهارات القرن الحادي والعشرين التي تقوم على نهج الاستقصاء والبحث وحل المشكلات.

ثانيًا، المواطنة الرقمية: سارعت وزارة التربية والتعليم إلى إيجاد دائرة تعنى بالمواطنة تعمل على تهيئة البيئة اللازمة لإيجاد جيل يمتلك أقصى درجات المسؤولية الوطنية، ومن أبرز التجارب التي يمكن الاستناد إليها بموضوع المواطنة الرقمية تجربة مدرسة خولة بنت الحكم للتعليم الأساسي وتهدف إلى السعي لتحقيق مبادئ الممارسات القانونية والاستخدام الأمثل لتقنية المعلومات وتزويد المتعلمين بالثقافة والمسؤولية الرقمية والوصول الأمن الذي يمكن من خلاله إتاحة الموارد والوسائط الرقمية في عملية التعلم، وبرأينا أنهُ عند الحديث عن التخطيط للوصول إلى إيجاد كفايات ومعارف غير معرفية أو أكاديمية يتطلب مزيد من الاهتمام والعمل الجاد نحو تحقيق مثل هذه الأهداف في فلسفة التعليم بالسلطنة. حيث إنّ هذه الأهداف لم تكن واضحة أثناء البحث من خلال هذه التقرير ولم نستطع رصدها بصورة واضحة كهدف يراد تحقيقه.

ثالثًا، التعلم القائم على التقنية: القصص الرقمية والألعاب التعليمية أبرز ما تناولهما برنامج الخطة الأمريكية بجانب التعلم القائم على التقنية كأمثلة تبين الجهود في هذا المجال، وعند الحديث عن الواقع بالسلطنة هناك العديد من التحولات التي شهدتها مدارس السلطنة تنبى أن قيمة توظيف التكنولوجيا في التعليم وتوجيه تعلم المتعلمين من خلال هذه التكنولوجيا بات أمر بغاية الأهمية حيث شرعت الوزارة في دعم عدد من المشروعات أبرزها: البدء في إنتاج برامج ودروس تفاعلية تحاكي الواقع الافتراضي في مجالات الفيزياء والكيمياء والرياضيات والجغرافيا والتاريخ بالتعاون مع هيئة تقنية المعلومات متمثلة بمركز ساس، حيث انتهت الوزارة من تنفيذ عدد من هذه الدروس التفاعلية، كما قامت بتضمين برنامج الصوتيات جولي فونكس في منهج اللغة الإنجليزية للحلقة الأولى من خلال تدريس مهارتي القراءة والكتابة، كما أقامت مشروع حول تضمين الألعاب الرقمية وإنتاجها وتوظيفها في عدد من دروس مادة تقنية المعلومات ولقد ساهم هذا الأمر في تطوير العديد من الألعاب التعليمية الرقمية من قبل المعلمين والطلبة، وتوجهت الوزارة في تبني مشروع حول إعداد مسابقة للمعلمين حول إعداد كتيبات داعمة للمناهج الدراسية أحد أبرزها القصص والتي تسعى إلى تحويلها بالأسلوب الرقمي وهذا ما شرعت إليه حالياً.

رابعًا، توفير التعلم ضمن المساحات المادية وتوظيف التكنولوجيا: قدمت الخطة الأمريكية لتوظيف التكنولوجيا في التعليم تصورات بناءة لتمكين المتعلمين من تحقيق الأهداف وتعزيز إنجازاتهم ولا يتأتى ذلك إلى من خلال توظيف أفكار تعزز هذه الإنجازات وأحد تلك الأفكار المساحات المادية والتي تدعم تصميم بيئة سوف تسهم في تشجيع المتعلمين لأطلاق العنان لأفكارهم ومشاركتها للآخرين، ونرى كيف يقدم الواقع بالسلطنة هذا الجانب حيث قدمت وزارة التربية والتعليم عدد من المبادرات لإيجاد مساحات مادية، وهي تسعى لتحقيق بعض مبادئ تصميم بيئة التعلم الفعالة والمرنة من أجل تسهيل تقديم نماذج التعلم المعتمدة على التكنولوجيا.

وختامًا، قامت الوزارة بتنفيذ قاعات متعددة الأغراض في كل مدارس السلطنة، وتم تجهيزيها بالشاشات التفاعلية وأجهزة الكمبيوتر وتوصيلها بشبكة الانترنت ليتم توظيفها في الأنشطة الطلابية ومعارض الابتكار للمشاريع التي يقوم الطلبة بإعدادها وتكون هذه القاعات أماكن جذب لهم لتنفيذ أنشطتهم وفعالياتهم، كذلك توجهت الوزارة ومازالت تعمل على تطوير مراكز مصادر التعلم وهي جزء أساسي لمنح المتعلمين المساحات لتنفيذ إبداعاتهم وتصوراتهم حيث يتم تزويدها بكافة الإمكانيات التي تساعد المتعلمين إلى الوصول إلى أهدافهم وتعمل على صقل مواهبهم وتنمية إبداعاتهم.