دماء جديدة طموحة ومتطلبات التشغيل

حمود بن علي الطوقي

لم أكن أودُّ الحديث عن موضوع المركز الوطني للتشغيل، الذي صدر بشأنه مرسوم سلطاني سامٍ ليُعطِي للمركز خصوصيته ومهامه بهدف تشغيل القوى العاملة الوطنية، لكني سأضع رأيي كون أنَّني طُلِب مني في جلسة نقاشية التعريف بآلية عمل المركز، الذي يؤمل منه أن يوجِد حلا جذريا لهذا الملف الذي أثقل كاهل الحكومة والقطاع الخاص على حدٍّ سواء.

قُلت في تلك الجلسة إنَّ المركز الوطني للتشغيل هو مطلب وطني ولم يكن لينشَأ إلا بعد مباركة سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- وجلالته دائما يقف في كل ما من شأنه رفاهية المواطن وبناء الإنسان العُماني. ومن هذا المنطلق، نتطلع أن يكون عمل المركز حاسما، ويقدم الحلول ويضع الأفكار، ويناقش التحديات، ويشجع الشباب العُماني للإقبال على العمل في القطاع الخاص، ويركز على وضع أطر التدريب المهم حتى يكون العمل المقرون بالتدريب إحدى أولويات المركز.

ما يربُط نجاح عمل المركز هو مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، وهنا مربط الفرس؛ فهذا المجلس -وحسب وجهة نظري- يجب أن يتفرغ لإدارة دفة عمل المركز، وحتى نكون واقعيين فإنَّ مجلس إدارة المركز المشكَّل مناصفة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، يجب أن تكون تشكيلته من الوجوه الشابة الجديدة؛ سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، وهذا الأخير يجب أن يركز على مصلحة هذا القطاع بعيدا عن مصالح شخصية لهم كأعضاء مجلس إدارة، بما يُعزز من قيمة شركاتهم؛ كون هذه الشركات ترتبط بمصالح مع الحكومة.

كمراقبين ومتابعين لهذا الملف، ومع صُدُور المرسوم السلطاني، استبشرنا خيرًا بسيناريوهات حل مشكلة الباحثين عن العمل، وعلى المركز أن يتحمَّل المسؤوليات المنوطة به، وأن يضع في الاعتبار أن الجمهور لن يتحمل فشل المركز الجديد.

دعُونَا نتحدَّث عن واقع المشكلة والمتمثَّل في وجود عمالة وافدة ماهرة وغير ماهرة.. هذه العمالة جاءت للبلد بطرق شرعية ويعملون تحت مظلة القانون، ونحن أطلقنا على البعض منهم عمالة هاربة وعمالة تعمل في التجارة المستترة، لو تأملنا هذه المشكلة سنجد أن المواطن جزء من المشكلة. فما الحل؟ هنا نأمل من المركز أن يضع حلولا ومقترحات تُبعِد لجوء التاجر لمخالفة القانون كدفع الرشاوى واللجوء لطرق ملتوية لتحقيق غاياته.

مُشكلة الباحثين عن عمل يمكن حلها إذا كانت هناك نوايا مخلصة وقرار حاسم بشرط أن يرتكز القرار على مبدأ "لا ضرر ولا ضرار".

صحيح أنَّنا نعيش أزمة الباحثين عن عمل، وصحيح أنَّ لدينا أكثر من 50 ألف باحث عن العمل، حسب إحصائيات الهيئة العامة لسجل القوى العاملة، وصحيح أنَّ نسبة التعمين في القطاع الخاص لم تتجاوز 12%، وصحيح أن لدينا أكثر من مليون وافد، لكن هناك حقيقة أخرى لابد من ذكرها في هذا الإطار، وهي أنَّه في ظل وجود أزمة اقتصادية بسبب التدهور في أسعار النفط -كونه المصدر الأقوى الذي نعتمد عليه- فإن اقتصادنا صغير، ويجب أن تضع الحكومة موازين للتعامل مع أزمة الباحثين عن العمل.

شخصيًّا.. أجدني أقف مدافعا عن الشاب العُماني الطموح، وقد أثبتت التجارب نجاحه في مختلف مشارب العمل، وأرى أنه الأجدر على قيادة القاطرة في أي مؤسسة ينتمي إليها، وغير صحيح أنه غير منتج أو غير ملتزم؛ فهذه شعارات يروج لها الوافد، لكي يلصق هذه التهمة بكوادرنا الوطنية.

وفي ختام حديثي.. أعتقد أنه آن الأوان لأن نبحث عن أبجديات للحوار الهادف، ونضع الأمور في مسارها الصحيح، وسنجد أن الحلول ممكنة وسهلة المنال، وأن العلاج موجود وفِي المتناول، ويتطلب فقط وجود طبيب ماهر لكتابة "الروشيته" وبتر المتسبِّب في هذا الوباء المزمن.