الكلاسيكو بعنوان واحد

 

حسين بن علي الغافري

 

انتهت قمتا كلاسيكو إسبانيا بفوز مستحق لنادي برشلونة على منافسه التقليدي ريال مدريد، قمتان انتظرهما العالم الرياضي من أقصاه إلى أقصاه، عززت أفضلية واضحة يتمتع بها النادي الكتالوني على منافسه الملكي، وضمن بها مضاعفة الطموح لموسم مميز آخر محلياً.

 الريال عاش كابوساً مؤلماً وخسارتين صعبتين من الممكن أن تنهيا موسمه كلياً إذا ما ودّع دوري الأبطال الأوروبي في مراحله الإقصائية. أما برشلونة فعاش أسبوعا مثاليا جداً وخرج من أضيق فتراته وأصعبها بعلامة إيجابية مميزة، عاد من ليون بتعادل سلبي وبالتالي مُهمة عبوره إلى الدور المقبل في الأبطال الأوروبي باتت على أرضه، أعقبها بفوز على أشبيلية محلياً، وفوزين في الكلاسيكو، أحدهما وضعه في نهائي الكأس والآخر دق مسماراً في نعش ريال مدريد وبالتالي أصبحت مهمة الريال في أمل الفوز بالدوري شبه منتهية بفارق ١٢ نقطة كاملة

الكلاسيكو كان وفياً لتقاليده من حيث قوة المنافسة وحرارتها. ففي كلاسيكو نصف نهائي كأس ملك إسبانيا، كان الريال مميزاً في الكامب وصال وجال في الملعب وكان قاب قوسين من الخروج منتصراً. الآية انقلبت في الشوط الثاني من مباراة الإياب، التفوق أصبح لبرشلونة ولعل الأمر واضحا وتفسيره في غياب المهاجم في القلعة البيضاء، الفريق صنع الفرصة تلو الأخرى، وصل إلى منطقة جزاء برشلونة وكان قريباً من الخروج بهدفين على أقل تقدير، وهو ما يدفعنا للقول إن خرج الريال بدون بطولات فسببه الأول من إدارته التي لم تعوض رحيل رونالدو البرتغالي بنجم هداف يترجم أنصاف الفرص. ومن غير المنطقي أن تُجدد ثقة الهجوم بالفرنسي بنزيما الغائب عن مستواه منذ مدة، ومن ثم أنه طوال تاريخه مع الريال لم يكن بتلك الصورة التي يُمكن أن تعول عليه لوحده فقط. ما أود أن أقوله إلى الهزيمتين من الممكن أن نرى لهما تبعات كبيرة في السوق الصيفي القادم، مع هذا الشكل لا يُمكن أن نرى الفريق يفعل الكثير، التعاقدات باتت ضرورية ومنح الحرية لمن أراد الرحيل وتبديل قميص الريال بقميص آخر. ولعلنا نرى رحيل مارسيلو البرازيلي الذي خسر مركزه الأساسي أول خطوات التغيير، ومن غير المُستبعد رحيل الكرواتي مودريتش إلى إنتر الإيطالي

في المقابل، عززت انتصارات الكلاسيكو فرصة برشلونة في إعادة أحلام الثلاثية التاريخية، صحيح أنَّ الأمر مبكر وما يُعيقه الآن البطولة الأوروبية أكثر من غيرها، فبرشلونة تقريباً بسط يده على الألقاب المحلية وبات مسيطراً عليها بنسبة كبيرة جداً، وهو ما نقرأه في آخر ١٢ موسماً كانت حصيلة برشلونة الأكبر عن البقية. النادي الكتالوني يمتلك كل المقومات التي تضمن له البطولات المحلية والقارية، نجوم في كل المراكز وأسماء ثقيلة في الدكة، وغياب نجم لم يعد بالمؤرق للمدرب فالفيردي. كما أنَّ انتصارات البرنابيو جاءت بجهود جماعية وبدون أي تدخل للقائد الأرجنتيني ليونيل ميسي وهو أمر لم يكن يحدث بالسابق في ظل اعتماد كلي على البرغوث، وهي إشكالية عاشها الفريق في المواسم الماضية، فما كان ميسي بيومه فالفوز حليف برشلونة وإن غاب فقد غاب الانتصار والحلول. نقطة يجب أن تستمر وبناء اللعب ينبغي أن يتواصل بهذه الطريقة، ميسي نجم كبير وحضوره يكون مهما في تغيير الفارق وليس كلياً ولوحده. مع هذا كله لازلت شخصياً أرى أن برشلونة قد لا يقاس نجاح موسمه بما حققه محلياً، النجاح القاري بات هو المقياس وهو مطلب الجماهير الأول. المتابعون للنادي الكتالوني يدركون تماماً أن خيارا آخر غير اللقب الأوروبي يعتبر فشلا جديدا، وبتواجد أندية شرسة تطمع للقب مثل باريس سان جيرمان الفرنسي ومانشستر سيتي وليفربول ومان يونايتد في إنجلترا.

ختاماً، الكلاسيكو انتهى وما تبقى للريال بنسبة كبيرة هي البطولة الأوروبية المحببة والتي يتخصص الملكي في تطويعها لصالحه مع أن وضعه الحالي لا يدفعنا إلى رسم طموحات كبيرة جداً. برشلونة في المقابل في طريق مفروش بالورود محلياً وتبقت له عقبة الكأس، مع مباريات بالدوري قد تكون بالمتناول ورقياً. موسمه الناجح سيتحدد إذا ما وصل إلى اللقب الأوروبي. اللقب الغائب عن خزينة النادي منذ أربعة مواسم. الوقت مبكر على مشوار الألقاب. هي مجرد قراءات وفرضيات مبنية على التحاليل ولكن الميدان قد يُغيّر الكثير حتى ذلك الوقت.