كلُّ شيءٍ يدعو للرِّيبةِ


ريتـا الحكيم | سوريا

كلُّ شيءٍ يدعو للرِّيبةِ
في مدائنَ، عامرةٌ موائدُها بهذيانِ السَّاسةِ
تكنسُ أحلامَها بربطاتِ العُنُقِ
وتُضرمُ النارَ في مدافئِها بسيجارِ "هافانا" الفاخرِ
***
وأنتَ وأنا..
وحيدينِ، نلوذُ بامتعاضِ الخوفِ
من مدائنَ، تخمةُ الموتِ فيها تتجشؤُنا نحيبًا
نُوثِّقُ به احتمالاتِ الشَّكِ
في أنَّنا ما زلنا مصلوبَينِ على نهدِ الحكايةِ
منذُ عهدِ نوح
وأنَّ الأرضَ الحُبلى باليُتمِ
تشيخُ
لكنّها لا تموتُ
***
أبي الذي لم يشهدْ سنواتِ الحربِ العِجافِ
يزورُني كلَّما لمعتْ قذيفةٌ في سماءِ الوطنِ
يُربِّتُ على جُرحي..
ويُضمِّدُهُ بدموعٍ جفَّفَها التُّرابُ
يتمدَّدُ بقربي ويسألُ عن أحبَّتِهِ
***
وأنا بدهشةِ طفلةٍ أرَّقَها شحوبُ الوردةِ
أتساقطُ على صدرِهِ جُثثًا..
يعدُّها على أصابعِ لهفتِهِ ويُخطِئُ مُتعمِّدًا
وكلَّما أعادَ الكرَّةَ..
أتبعثرُ بين راحتَيهِ
***
لا هو أفلحَ في حساباتِهِ
ولا أنا..
لكنّه أودَعَني في جيبِ قلبِهِ خفقةً خرساءَ
تُؤنِسُ صقيعَ غُربتِهِ.

 

تعليق عبر الفيس بوك